الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن باب النسيب ما قاله الأديب

خليليّ للبغضاء حالي مبيّن وللحب آيات ترى ومعارف

ألا إنما العينان للقلب رائد فما تألف العينان فالقلب آنف

ولنا من هذا الباب:

إذا نظرت عيني لحسن زجرتها حذار على قلبي فما ينفع الحذر

فهام به قلبي فأرسلت عبرتي وسلطت من غيظي على عيني السهر

وذاب فؤادي رقة وصبابة وأتلفه طول التعلل والفكر

وإني بين القلب والعين ميت فبعضي من بعضي على قدم السفر

إذا قلت يا قلبي أجاب بحرقة حنانيك لا تعتب سوى الحسن والنظر

أنا قائل للحب لست بمانع حلول الهوى بالسمع كان أو البصر

ومن باب الإفراط في العشق:

أنا و الله أرحم العشاقا ويح من كان عاشقا مشتاقا

لو على العالمين قسم عشقي أصبح الناس كلهم عشاق

ولبعضهم في المعنى:

أحبك حب لو يفاض يسيره على الخلق ذاب الخلق من شدة الحب

واعلم أني بعد ذاك مقصّر لأنك في أعلى المراتب من قلبي

ولنا في هذا الباب من قصيدة:

وبي منه ما لو كنت أنطق باسمه إلى الخلق مات الخلق من قوة الحب

وكما قال الآخر:

وبي من الحب ما لو أن أيسره يكون الفلك الدوّار لم يدر

وكما قال مجنون عامر:

ولو أن ما بي بالحصا فلق الحصا وبالريح لم يوجد لهنّ هبوب

ولو أن أنفاسي أصابت بحرّها جديدا إذا ضلّ الحديد يذوب

ولو أنني أستغفر الله كلما ذكرتك لم تكتب عليّ ذنوب

كتمت الهوى في الصدر حتى أعلّني ونمت به من مقلتيّ غروب

وكما قال الآخر:

واشرب قلبي حبّه ومشى به تمشي حميّا الكأس في جسم شارب

يدبّ هواه في عظامي ولحمها كما دبّ في الملسوع سمّ العقارب

ولنا في النظاميّات:

مرضي من مريضة الأجفان علّلاني بذكرها علّلاني

هفت الورق في الرّياض وناحت شجو هذا الحمام مما شجاني

بأبي طفلة لعوب تهادى من بنات الخدور بين الغواني

طلعت في العيان شمسا فلما أفلت أشرقت بأفق جناني

يا طلولا برامة دارسات كم حوت من كواعب وحسان

بأبي ثم بي غزال ربيب يرتعي بين أضلعي في أمان

ما عليه من نارها فهو نور هكذا النور محمد النيران

يا خليليّ عرّجا بعناني لأرى رسم دارها بعيان

فإذا ما بلغتما الدار حطّا وبها صاحبي فلتبكيان

وقفا بي على الطلول قليلا نتباكى بل أبك مما دهاني

الهوى راشقي بغير سهام الهوى قاتلي بغير سنان

عرّفاني إذا بكيت لديها تسعداني على البكا تسعداني

واذكرا لي حديث هند ولبنى وسليما وزينب وعنان

ثم زيدا من حاجر وزرود خبرا عن مراتع الغزلان

واندباني بشعر قيس وليلى وبميّ والمبتلي غيلان

طال شوقي لطفلة ذات نثر ونظام ومنبر وبيان

من بنات الملوك من دار فرس من أجلّ البلاد من أصبهان

هي بنت العراق بنت إمام وأنا ضدها سليل يماني

هل رأيتم يا سادتي أو سمعتم أن ضدين قط يجتمعان

لو ترانا برامة نتعاطى أكؤسا للهوى بغير بنان

والهوى بيننا يسوق حديثا طيبا مطربا بغير لسان

لرأيتم ما يذهب العقل فيه يمن والعراق معتنقان

كذب الشاعر الذي قال قبلي وبأحجار عقله قد رماني

أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله كيف يلتقيان

هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل يماني

ومما قيل في لذع الهوى:

إن كنت تنكر ما ألقاه من ألم وما يضرم في قلبي معذبه

أشر بعود من الكبريت نحو فمي وانظر إلى زفراتي كيف تلهبه


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!