الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


واقعة لبعض الفقراء

حدثن عبد الله ابن الأستاذ المروزيّ، قال: رأى بعض الفقراء من أصحابنا في واقعة كان الشيخ أبا مدين جالس وعلى رأسه ألوية مركوزة، وإذا بشخص عليه مسح من شعر،

فسلم عليه، ثم قال: يا سيدي، جئت أسألك عن الروح وما سرّه؟ فقال له الشيخ: السرّ هو الحقيقة لا تجلى عليه خليقة، ولا دقيقة، هو مادة الله في الوجود، يأتي من عين اللطف والجود، محرّك الحركات، ومجمّد الجمادات، ومنتشر في النباتات، عنصره النور الإلهي، ومنبعها النور الخفيّ، به أقام إمداد الوجود إلى أمد، وبه رفع السموات بغير عمد، فهو العمد الذي هم عنه عمون، وإنما يراه المبصرون الذين له ينظرون، وبه يسمعون، وبه يعقلون.

ثم قال الشيخ: يا من خلق الخلق أطوارا، وأنطقهم سرا وجهارا، وبصّرهم في نفوسهم فكرة و اعتبارا، قوم نبّهوا فانتبهوا، وقوم أغلقوا فبقوا حيارى. ثم قال: إذا عرفك به أمدّ سرّك من سرّه، فكنت قريبا بقربه، ومنعما في قدسه، وكشف لك عن وجهه، فنظرت جماله به، فالفروع راجعة إلى الأصول، منها ظهرت، وفيها أثرت، فكل فرع هو أصله، و كل مفترق هو جمعه.

وروين من حديث محمد بن سلامة، عن الحسن بن ميمون بن علي بن عمر الدارقطنيّ، عن أبي بكر محمد بن أحمد بن أسد، عن محمد بن عبد الملك بن زنجويه، عن عمر بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن عيسى بن موسى بن اياس بن بكير، أن صفوان بن سلام حدّثه، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «اطلبوا الخير دهركم، وتعرضو لنفحات رحمة ربكم، فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، و اسألوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم» .


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!