الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


659. - الهادي الكوني- الهادي التبياني

الهادي الكوني

يقول:

“. .. فإن الهادي الكوني لا يكون الا رسولا من عند اللّه، فهو: مبلّغ لا هاد ،

معناه: لا موفّق، لكنه هاد بمعنى: مبين “ ( ف 3 / 498 ).

انظر “ الهدى التبياني - الهدي التوفيقي “ .653 - المهديّ

- 1فكرة المهدي تضرب عمقا في جذور الفكر الانساني ؛ لكأنها محفورة في قوالبه الفكر - نفسية. فالكل على اختلاف مذاهبهم وتنوع عقائدهم واحدية ميولهم، م بين مادية وغيبية ينتظر “ يوما موعودا “ يعم فية العدل ويرتفع الظلم من العالم. .. فهذا اليوم ينتظره المفكر المادي والمفكر الديني كلّ من خلال بنيانه الفكري أو الفلسفي. .. وسواء كان هذا اليوم يتمثل في شخص أم في ارتفاع تناقض. .. أم. .. أم. .. يبقى هو “ المنتظر “.

لذلك لا نستطيع ان نقول إن فكرة المهدي هي اسلامية فقط، أو شيعية أو صوفية خاصة. .. وان كانت صيغتها الاسلامية بسيطة تتلخص من خلال الأحاديث الشريفة، بشخص يخرج في آخر الزمان يملا الدنيا عدلا بعد ما ملئت جورا. .. ولن نتعرض لم تحويه هذه الفكرة للأوساط الفقيرة والمظلومة من جوانب نفسية تعويضية، لأننا بذلك نفرغ فكرة “ المهدي “ من دلالتها الفلسفية في بنيان افسح لها مكانا فيه.

- 2اهتم الفكر الشيعي “ بالمهدي “. والفرق الوحيد بينه وبين الفكر الصوفي: ان المهدي في الفكر الشيعي هو شخص معين بالذات وجد في زمن سابق. .. وبالتالي طرح امامهم مشكلة هذه “ الغيبة الطويلة “. .. وما الفائدة منها ؟ والمبرر لها 1 ؟ على حين انه احتفظ في الفكر الصوفي بصورة بسيطة نراها عند ابن العربي.

****

المهدي: خليفة للّه نص رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) على إمامته، فالعالم كله بانتظار ظهوره، اسمه: اسم رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم )، وهو من آله.

يقول:

“. .. هذا الخليفة [ المهدي ] من عزة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. من ولد فاطمة، يواطئ اسمه اسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، جده: الحسن بن علي بن أبي طالب “ ( ف 3 / 327 ).

“ كما أنه ما نصّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، على امام من أئمة الدين يكون بعده، يرثه، ويقفو اثره، ولا يخطئ، الا المهدي خاصة. فقد شهد بعصمته في احكامه “ ( ف 3 / 338 ).

****

يظهر “ المهدي “ بكل صفات الولاية من فعل، فيبدل الاحكام في العالم:

- من الجور إلى العدل

- من الجهل إلى العلم

- من الفقر إلى الغنى

- من الضعف إلى القوة

وهذا التبديل أعطاه الحق القدرة عليه فهو: ولي وخليفة وامام [ فلتراجع ] يضاف إلى ذلك طاقة الهداية التي أكسبته الاسم: المهدي

يقول ابن العربي:

 - المهدي: يبدل من الجور إلى العدل:

“. .. ان للّه خليفة يخرج، وقد امتلأت الأرض جورا، فيملؤها قسطا وعدلا.

لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد طوّل اللّه ذلك اليوم حتى يلي هذ الخليفة “ ( ف 3 / 327 ).

“ وإذا خرج هذا الإمام المهدي، فليس له عدو مبين الا: الفقهاء خاصة. فإنهم لا تبقى لهم رياسة ولا تمييز عن العامة “ ( ف 3 / 336 ).

 - المهدي: يبدل من الجهل إلى العلم:

“. .. ويعلم ما أشار اليه عليه السلام من عموم البركات عند ظهور الإمام المهدي، حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله. .. إلى سائر ما ذكر صلى اللّه عليه وسلم لعموم انبساط اللطيف على الكثيف. .. “ ( بلغة 132 ).

 - المهدي: يبدل من الفقر إلى الغنى:

“ يقسم [ المهدي ] المال بالسوية، ويعدل بالرعية، ويفصل في القضية، يأتيه

الرجل فيقول له: يا مهدي أعطني، وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه م استطاع ان يحمله “ ( ف 3 / 327 ).

هذا نص غريب عن ابن العربي، لسببين:

الأول، ان امداد الأولياء عنده هو علمي - روحاني ،

الثاني: ان القرن السادس الهجري بعيد عن رؤية “ المال “ أحد مقومات الكمال في شخص الامام أو الولي.

فهل اعتبر ابن العربي هنا كمال المهدي هو: كمال جمعيته للقوى في زمن ظهوره. ولا يخفى، بنظرة صادقة إلى الواقع، أهمية المال كقوة اقتصادية فعالة من قوى العالم المعاصر [ انظر “ كمال “ ].

 - المهدي يبدل من الضعف إلى القوة:

( ) قوة السلاح:

“ فهو [ ختم الولاية المحمدية ] والقرآن: اخوان، كما أن المهدي والسيف:

اخوان “ ( ف 3 / 329 ).

“. .. فيا منظور [ المهدي ] الناظر، ويا من بظهوره بطش الملك القادر، وياوليّ اللّه، ويا خليفة الملك القاهر. اما انسلخت من الاصلاب والارحام، أما أمرت بتبديل هذه الأحكام، السماوات والأرض ومن فيهن بانتظارك، والوجود متشوق إلى أسفارك [ - ظهورك ].

اللهم انا [ - ابن العربي ] نؤمن بولايته [ انظر “ ولي “ ]، وخلافته [ انظر “ خليفة “ ]، وإمامته [ انظر “ امام “ ] وهدايته [ - التي استحق من اجله اسمه ]، ولا نلحد فيه إلحاد الغافلين، ولا ننكره انكار العالين، وننتظره مدة حياتنا، ايمانا بك، وتصديقا لرسولك.

فلا تحرمنا ان لم تقسم لنا رؤيته أجر اتباعه. واكتبنا في عدد أنصاره وأشياعه “ ( بلغة ق 64 ).

( ب ) قوة الجماعة:

“ ينفخ [ المهدي ] الروح في الاسلام، يعز الاسلام به بعد ذله. . يظهر من الدين ما هو الدين عليه في نفسه، ما لو كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لحكم به 2، يرفع المذاهب من الأرض.

فلا يبقى الا الدين الخالص، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد. .. “ ( ف 3 / 327 ).

المذاهب والفرق تمزق وحدة المسلمين، وبالتالي تضعف قوتهم، لذلك دور المهدي هو في إزالة التمزق الحاصل في صفوف المسلمين، وبرفع التمزق تحصل القوة التي يستتبعها الغنى والعلم. ..

****

المهدي “ يظهر بالولاية إرثا محمديا، بكل ما تحويه من ابعاد:

فعل وعرفان، في مقابل النبي محمد [ ظهر بالنبوة - ولايته باطنة ].

يقول:

“. .. ومحمد ( صلى اللّه عليه وسلم ). . الرحمة للعالمين ذاتا وصفاتا، وتمام ملكه [ محمد صلى اللّه عليه وسلم ] 3 موقوف على ظهور المهدي. .. “ ( بلغة الغواص ق 60 ).

..........................................................................................

( 1 ) يراجع بشأن مهدي:

- من ناحية الأصول الحديثية لفكرة المهدي:

* التصريح بما تواتر في نزول المسيح [ خاصة 294 - 296 ] للمحدث الكبير الشيخ محمد أنور شاه الكشميري الهندي ولد 1292 وتوفي 1352 هـ.

تحقيق: عبد الفتاح أبو غرّة نشر: مكتب المطبوعات الاسلامية حلب -

- في الفكر السني:

* يسألونك عن المهدية. الصادق المهدي. دار القضايا 1975 [ وفيه يبحث الأصول الاسلامية والتاريخية للفكرة، كما يتحدث عن الدعوات المهدية ].

- في الفكر الشيعي:

* بحث حول الولاية. محمد باقر الصدر دار التعارف للمطبوعات بيروت. لبنان [ بحث في 96 ص من القطع الصغيرة ].

* المهدي. صدر الدين الصدر. دار الزهراء بيروت. لبنان [ دراسة في ثمانية فصول عن المهدي في الشيعة الاثنا عشرية ].

( 2 ) ابن العربي هنا يطرح قضية في منتهى الخطورة اسلاميا. يفصل بين الكلمة أو النص، والشخص - الانسان.

فالمسلم اليوم ولو اتبع السنة المحمدية يفهمها على أنها كلمات وافعال، والمطروح هنا: الشخص نفسه.

لأنه روح الكلمة والفعل، هو الثابت في تحولها.

هذه الروح التي لا يفهمها المسلم اليوم لأنه أسير الكلمات والافعال.

كما أنه من ناحية ثانية الكلمات والافعال تأخذنا إلى الماضي فهي عودة إلى الوراء، على حين ان الشخص، طاقة حركية متطورة تتفاعل مع الزمن.

انظر “ الوراثة “.

( 3 ) ان النبي محمد لم يظهر بالغنى والملك - على استطاعته - كما ظهر سليمان مثلا.

لذلك يأخذ المهدي وجه سليمان إرثا محمديا. فهو مظهر من مظاهر ولاية النبي محمد ( صلى اللّه عليه وسلم ) ،

ومن هنا يقول ابن العربي: تمام ملكه ( صلى اللّه عليه وسلم ) يكون بالمهدي.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!