الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


52. أمّهات الوجود

مرادف: الام الجامعة لجميع الموجودات.

ان عبارة “ أمهات الوجود “ ابتكرها الشيخ ابن العربي في اللفظ دون المضمون، لأنها “ مقولات المنطق “ ارتدت في ظهورها عنده اللفظ المناسب لفكره.

وهي الأصول أو الحقائق المفردة 1 التي بتركيبها يظهر كل وجود عيني.

ومن خلال نصوص الشيخ ابن العربي المتعلقة بأمهات الوجود نلمس موقفه من المقولات، هذا الموقف الذي يلخص تقريبا موقف العالم الاسلامي من مقولات أرسطو 2:

في المرحلة المغربية، نلاحظ ان المقولات عنده عشر اخصرها في أربع بعد رحيله إلى الشرق 3.

يرسم الشيخ ابن العربي في انشاء الدوائر أمهات الوجود التي يسميها هن الجدول الهيولاني.

ويظهر عددها عشر: الجوهر، العرض الزمان، المكان، الحال، الوضع، الإضافة، العدد، ان ينفعل، ان يفعل.

يقول:

“ اعلم أن هذا الجدول الهيولاني ( انظر الرسم ) هو الحقيقة التي أوجد الحق من مادتها الموجودات العلويات والسفليات، فهي الام الجعة لجميع الموجودات. “ ( انشاء الدوائر 25 - 26 ).

اما في الفتوحات فيحصر الشيخ ابن العربي أمهات الوجود في ربع 4 يتركب منها المقولات الباقية.

يقول:

“ ان اللّه لما خلق العالم وملأ به الخلا، لم يبق في عالم جوهر يزيد ولا ينقص، فهو بالجوهر واحد. . لا يزال الحق تعالى في [ في الجوهر الواحد ] خلاق على الدوام بما يفتح فيه من الاشكال. .. ويظهر من الصور، ويحدث فيه من الاعراض. .. فما أحدث اللّه بعد ذلك جوهرا لكن يحدث فيه. ..

هذا الجوهر الذي ملأ الخلاء. .. وفيه يظهر الجوهر انوري والعرض والزمان والمكان وهذه أمهات الوجود ليس غيرها وما ( عليها فإنه مركب منها، من فاعل ومنفعل وإضافة ووضع وعدد والك 5. .. “

( ف 3 / 404 ).

..........................................................................................

( 1 ) يقسم الشيخ ابن العربي الحقائق بقسمين: “ حقائق توجد مفردات في العقل كالحياة والعلم والنطق والحس، وحقائق توجد بوجود التركيب كالسماء والعالم والانسان والحجر. .. “ ( ف 1 / 55 )

( 2 ) ان المقولات التي حصرها أرسطو في عشر، ردها الرواقيون إلى أربع، وعرفها العالم الاسلامي عشر وذهب فيها مذهبين مغايرين للفكر اليوناني. فلنستمع إلى علي سامي النشار: “ وحصر أرسطو الأجناس العالية في عشرة، وهذه الأجناس العشرة هي مبحث المقولات. .. اما الرواقيون فبحثوا المقولات من وجهة نظر أرسطو ولكن ردوه إلى أربعة:

الكيفية، الجوهر، الإضافة، والوضع. ومن العسير معرفة تفصيلات هذا الرد.

عرف الاسلاميون اذن مذاهب في المقولات غير المذهب الارسططاليسي ( الرواقي - الافلوطيني ) نرى هنا مذهبين مختلفين عنه: اما المذهب الأول فاعتبر المقولات أربعا: هي الجوهر والكم والكيف والنسبة الشاملة لبقية المقولات. وليس هذ المذهب هو المذهب الرواقي ولكنه يقترب منه كثيرا. .. ولا نستطيع ان نجزم في الحقيقة بالمصدر الذي استمد الاسلاميون منه هذا التقسيم.

اما المذهب الثاني فهو مذهب السهروردي “ ( مناهج البحث عند مفكري الاسلام. طبع دار المعارف بمصر 1965 ).

والجدير بالذكر ان السهروردي ينفي كون هذه المقولات ارث ارسطي ينسبه إلى الفيتاغوريين يقول في ص 12 من التلويحات في جواب عن سؤال. “ خالفت المعلم الأول ( أرسطاطاليس ) والجمهور ؟ جواب: اما المقولات فليست مأخوذة عن المعلم بل عن شخص فيتاغوري يقال له ارخوطس وليس له برهان على الحصر في العشرة والبرهان هو الذي نتّبع. “

- اما الهنود فقد جعلت المقولات ست: الجوهر، الكيفية، الفعل، العام، الخاص، التجمع. والفيلسوف الألماني كانت (Kant) ارجعها إلى اربع: الكم، الكيف، الإضافة، الحالة، ( راجع مجلة المشرق 1966 ص 471 ).

( 3 ) النص الذي يرجع المقولات إلى عشر موجود في كتابه انشاء الدوائر الذي ألفه في تونس سنة 598 ه. انظر-Yahia: Hist. et class R. G. 289على حين ان النص الذي يختصرها في أربع وارد في الفتوحات المكية الذي انتهى من كتابته للمرة الأولى عام 629 ه. انظر-Yahia: Hist. et class R. G. 135( 4 ) سبق ان تكلمنا كيف ان العالم الاسلامي افترق عن الفكر اليوناني بوضعه مذاهب جديدة في المقولات وكيف حصرها في اربع هي: الجوهر، والكم، والكيف، والنسبة.

اما هنا فينبري السهروردي إلى انتقاد هذا المذهب ليثبت موقفه هو، يقول:

“ ولما حصرنا المقولات المشهورة في كتاب التلويحات في خمسة وجدنا بعد ذلك في موضع لصاحب البصاير [ عمر بن سهلان الساري ] حصرها في اربع - في الجوهر والكم والكيف والنسبة.

وإذا اعتبرت هذا الحصر. .. لا تجده صحيحا، فان الحركة لم تدخل تحت الجوهر لأنها عرض ولا تحت الكم. .. وليست كيفا. .. ولا النسبة. .. فالأقرب لمن يريد ان يثبت المقولات حصرها في خمس: الجوهر والكيف والكم والإضافة والحركة. .. “

( كتاب المشارع والمطارحات. نشر هنري كوربان ص 278 ).

- يراجع كذلك، كتاب التلويحات نشر هنري كوربان. التلويح الأول ص ص 4 / 17.

( 5 ) يبحث السهروردي المقولات العشر في كتابه المشارع والمطارحات. فليراجع:

- ص ص 221 - 233 ( فصل في الجوهر )

- ص ص 233 - 250 ( فصل في الكم )

- ص ص 250 - 263 ( فصل في الكيف )

- ص ص 263 - 273 ( فصل في المضاف )

- ص ص 273 - 274 ( فصل في الأين )

- ص 274 ( فصل في متى )

- ص ص 275 - 276 ( فصل في الوضع )

- ص ص 276 - 277 ( الملك والجدة )

- ص ص 277 - 278 ( ان يفعل - ان ينفعل ).

***


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!