الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


424. - الصّلاة

في اللغة:

“ الصاد واللام والحرف المعتل أصلان: أحدهما النار وما أشبهها من الحّمى، والآخر جنس من العبادة.

فاما الأول فقولهم، صليت العود بالنار. ..

واما الثاني: فالصلاة هي الدعاء. .. والصلاة هي التي جاء بها الشرع من الركوع والسجود. .. فأما الصلاة من اللّه تعالى: فالرحمة. ..

ومما شذ من الباب كلمة جاءت في الحديث:

“ ان للشيطان فخوخا ومصالى “. قال هي الاشراك، واحدتها مصلاة “.

( معجم مقاييس اللغة مادة “ صلى “ ).

في القرآن:

( 1 ) ورد الأصل “ صلى “ بالمعنيين اللغويين السابقين:

قال تعالى: ” تَصْلى ناراً حامِيَةً “( 88 / 4 ).

قال تعالى :” وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى، الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى “( 87 / 22 ).

( 2 )أ - صلاة العبد:

قال تعالى: ” وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَل تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ “( 9 / 84 ).

قال تعالى :” إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً “( 4 / 103 ).

ب - صلاة اللّه:

قال تعالى: ” أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ “( 2 / 157 ).

وللوقوف على معنى الصلاتين ( صلاة العبد وصلاة اللّه ) في القرآن، فليراجع كتاب الأب نوياExegese coraniqueص ص 134 - 136.

حيث يبين موقف الترمذي في كتابه: تحصيل نظائر القرآن 1.

عند ابن العربي:

ان ابن العربي لا يغفل عن وجهي الصلاة اللذين أثبتهما القرآن: صلاة الحق - صلاة الخلق. ونرى انه أحيانا يفسرهما بمألوف يقبله بداهة الفكر الاسلامي السابق، وأحيانا أخرى يحصرهما بمفهوم يلتصق بنظرياته الفكرية، ولذلك نشطر معنى الصلاة عنده شطرين:

* * *

* صلاة الحق: رحمته لعبده، وصلاة العبد: مشاهدته الحق.

يقول ابن العربي:

“ ( 1 )والصلاة من اللّه: الرحمة 2. .. “ ( ف 4 / 275 ).

“ ( 2 )فقال ( صلى اللّه عليه وسلم ): وجعلت قرة عيني في الصلاة.

وليس الا مشاهدة المحبوب التي تقرّبها عين المحب، من الاستقرار...

ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة، وان الالتفات شيء يختلسه الشيطان من صلاة العبد فيحرمه مشاهدة محبوبه. .. “ ( فصوص 1 / 224 - 225 ).

“. .. ابن آدم صمتك عن الباطل صوم، وكفك عن الشر صدقة، ويأسك من الخلق صلاة. .. “ ( بلغة الغواص ق 2 ).

نلاحظ من النصين السابقين ان صلاة العبد تفترض انقطاعه عن الخلق، لتتحقق “ وصلته “ بالحق.

فالصلاة عبارة عن نسبة أو “ صلة “ 3 بين العبد وربه خالية من كل التفات إلى “ غير “ 4.

لقد شرح ابن العربي صلاة الحق وصلاة الخلق من خلال فكره، بارجاعهما إلى الفعل: يصلي.

اسم الفاعل منه: مصل، والمصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.

في مقابل المجلىّ ( الأول ).

فالحق: مصل، والخلق: مصل، ولكن من وجهين مختلفين.

الحق مصل: اي تأخر العلم به عن العلم بالمخلوق، اذن تأخر علم.

الخلق مصل: اي تأخر بالرتبة عن رتبة ربه، اذن تأخر رتبة.

يقول ابن العربي:

“ فإنه تعالى أمرنا ان نصلي له وأخبرنا انه يصلي علينا، فالصلاة مناومنه، فإذا كان هو المصلي فإنما يصلي باسمه الآخر، فيتأخر عن وجود العبد: وهو عين الحق الذي يخلقه العبد في قلبه بنظره الفكري أو بتقليده.

وهو الاله المعتقد 5. ..

فان المصلي هو المتأخر عن السابق في الحلبة.

وقوله تعالى :” كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ “[ 24 / 41 ]

اي رتبته في التأخر في عبادته ربه 6. .. “ ( فصوص 1 / 225 ).

“ قال اللّه تعالى. .. وهو الذي يصلي، فوصف نفسه بالتأخر في الذكر عن ذكر العبد. .. “ ( ف 4 / 190 ).

“. .. فأوجب [ الحق ] على عباده التأخر عن ربوبيته، فشرع له [ للعبد ] الصلاة

ليسميه بالمصلي: وهو المتأخر عن رتبة ربه، ونسب الصلاة اليه تعالى ليعلم ان الامر يعطي تأخر العلم الحادث به، عن العلم الحادث بالمخلوق. .. “ ( ف 3 / 378 ).

..........................................................................................

( 1 ) وقد بيّن الأب نويا علاقة الصلاة بالمغفرة والثناء والدعاء والذكر. فليراجع كتابه المذكور فهرس الاصطلاحات مادة “ صلاة “.

انظر كذلك: - نظائر القرآن الترمذي ص ص 71 - 75.

- التفسير العظيم. سهل التستري ص 14

( لصلاة على ثلاثة أوجه: المفروضة - الترحم - الدعاء ).

( 2 ) روى الترمذي الحديث التالي عن الحسن البصري:

“. .. عن الحسن: قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم“ ؛

قالت بنو إسرائيل لموسى: أيصلي ربك ؟

قال: اتقوا اللّه يا بني إسرائيل ،

فأوصى اللّه اليه: انما بعثتك لتبلغني عنهم، وتبلغهم عني، فماذا قالو لك ؟

قال: قالوا: أيصلي ربك ؟

قال: فأخبرهم اني أصلي، وان صلاتي، لتسبق رحمتي غضبي “ ( نظائر القرآن ص 74 ).

كما يراجع الحديث الثاني رواه عن عطاء بن أبي رياح القرشي ( ت 114 ه ).

( 3 ) انها “ صلة “ ولكنها لا تتحقق الا بالصلاة المفروضة المعروفة، فابن العربي حين يقول إن الصلاة: مشاهدة المحبوب، لا يسقط الصلاة المفروضة بحجة ان كل ما أوصل إلى مشاهدة المحبوب فهو صلاة. بدليل انه استشهد لاثبات ما تقدم بالصلاة المفروضة فقال “ ولذلك نهي عن الالتفات في الصلاة “. ( راجع النص الأول ).

( 4 ) يقول الترمذي في كتابه الصلاة ومقاصدها ص 5، تحقيق حسن نصري زيدان دار الكتاب العربي مصر 1965:

“ والصلاة دار اللّه من دخلها دخل في عرش [ عرس ] اللّه وولائمه وضيافاته، فمن الوقوف والركوع والسجود ضيافاته، ومن التلاوة اعراسه، ومن الثناء والتشهد ولائمه. والاعراس في الدار والمساكن والولائم في البساتين، ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم “ جعل اللّه قرة عيني في الصلاة “ ولم يقل بالصلاة ولكن في الصلاة. .. “

( 5 ) انظر “ اله المعتقدات “

( 6 ) انظر شرح المقطع في الفصوص ج 2 ص 344.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!