الفتوحات المكية

الاصطلاحات الصوفية

ملخص من المعجم الصوفي من تأليف الدكتورة سعاد الحكيم

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


22. اللّه

في القرآن:

ان كلمة “ اللّه “ في القرآن يطلق على الحقيقة الفاعلة الجامعة لحقائق الأسماء والصفات الحسنى جميعا.

” قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُو فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى “( 17 / 110 )

اما كتب التفاسير فقد توغلت في مفاوز هذه الكلمة واسهبت في شرح وجوهه ومتعلقاتها، وأفردت لها الصفحات لتشرحها من الناحية اللغوية والكلامية والصوفية مما لا يتسع المجال لتعدادها 1.

وقد أوردت هذه الكتب شرح لفظ الجلالة بعد شرحها “ الاسم “ لان كل سورة في القرآن تبدأ “ بسم اللّه الرحمن الرحيم “.

فأي كتاب تفسير تناولنا نجد فيه مطلوبنا.

فليراجع:

- تفسير الفخر الرازي ج 1 ص ص 156 - 164 المطبعة البهية ،

- الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ج 1 ص ص 54 – 58

عند الشيخ ابن العربي 2: المترادفات:

- الاسم الجامع

- الاله المطلق 3

- الاله الحق 4

- الاله المجهول 5

* اللّه: هو اسم علم ذاتي لمرتبة الألوهية الجامعة لحقائق الأسماء كله ؛ فهو الاسم الكامل المحيط الجامع لجميع الأسماء - المتقابلة وغير المتقابلة - فم ثمّ من يقبل الاضداد في وصفه الا اللّه.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ( 1 )كاللّه فإنه علم على الذات، وان قيل إنه مشتق فليس مقصودا “

( رسالة القواعد الكلية في معرفة تجلي الأسماء الإلهية. ق 14 ).

“ ثم إن اللّه تعالى قد عصم هذا الاسم العلم ان يسمى به أحد غير ذات الحق جل جلاله 6. .. وما بأيدينا اسم مخلص علم للذات سوى هذا الاسم اللّه، فالاسم اللّه يدل على الذات بحكم المطابقة كالأسماء الاعلام على مسمياتها. “ ( ف 4 / 197 ).

“ فان الاسم اللّه دلالة على الرتبة “ ( ف 4 / 149 )

“ فالاسم اللّه هو عين الذات والوجود لكن من حيث المرتبة التي هي الألوهية “. ( مراتب التقوى ق 166 ب. مخطوط الظاهرية رقم 5570 ).

“ اسمه الذاتي العلي الاحدى الجمعي الذي هو أحدية جمع جمعيات الأسماء الحسنى. .. وهو أربعة أحرف ظاهرة في اللفظ. هي: الألف واللام الأولى واللام الثانية والهاء “ ( رسالة شق الجيوب. ص 62 ).

“ ( 2 ) فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستغرق به جميع الأمور الوجودية والنسب العدمية. بحيث لا يمكن ان يفوته نعت منها، وسواء كانت محمودة عرفا وعقلا وشرعا أو مذمومة عرفا وعقلا وشرعا 7 وليس ذلك الا لمسمى اللّه تعالى خاصة “ ( فصوص 1 / 79 )

“ فان لهذين الاسمين اللذين هما اللّه والرحمن مرتبة الإحاطة والكمال بالنسبة إلى ما سواهما من الأسماء “ ( بلغة الغواص ص 17 ).

“ الاسم الأكبر الجامع هو: اللّه “ ( رسالة شق الجيوب ص 18 )

“ والاله من له جميع الأسماء وليست الالعين واحدة وهي: مسمى اللّه “

( ف 4 / 448 ).

“ اللّه فهو مجموع حقائق الأسماء الإلهية كلها “ ( ف 3 / 317 )

“ اسم اللّه. .. وهو الاسم المحيط بجميع الأسماء تحت حيطته، وهو له كالذات لما تحمله من المعاني “. ( المقصد الأتم في الإشارات - ق 152 ).

“ ( 3 )فان اللّه هو الجامع للأسماء المتقابلة وغير المتقابلة. .. “ ( ف 3 / 411 )

“ فما ثمّ من يقبل الاضداد في وصفه الا اللّه “ ( ف 2 / 417 )

****

اللّه: - كما رأينا في المضمون الأول - هو الاسم الجامع للأسماء المتقابلة وغير المتقابلة [ جلال جمال ]، ولكنه بجمعه لها يتحكم بتجلياتها: يولّي الاسم - الذي هو “ الرب “ على المحل الخاص بظهور حكمه - أو يعزله. وله التنوع بالأسماء [ كل يوم هو في شأن ] في مقابل الرب أو الاسم الإلهي الذي له الثبوت.

( ) ان كل موجود ليس له من اللّه الا نسبة خاصة، اي اسم الهي، العبد مظهرا له ومجلى، وهذا الاسم هو في الحقيقة: ربه 8. فالأسماء الإلهية هي أرباب لمظاهرها ومجاليها. اما “ اللّه “ فهو رب جميع الموجودات.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ان ارتباط الموجودات إلى الوجود الواحد الحق لا يكون الا من حيث تعيناته التي هي أسماؤه. فكل موجود مرتبط باسم من الأسماء. .. فكان ذلك الاسم ربه في الحقيقة. .. والاسم اللّه رب جميع الموجودات من جهة جمعيته “

( مراتب التقوى ق 166 ب - 167 ).

“ اعلم أن مسمى اللّه: أحدي بالذات كلّ بالأسماء 9. وكل موجود فما له من اللّه الا ربه خاصة يستحيل ان يكون له الكل. .. والسعيد من كان عند ربه مرضيا. وما ثمّ الا من هو مرضّي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته. ..

ولا يلزم إذا كان كل موجود عند ربه مرضيا. .. ان يكون مرضيا عند رب عبد آخر لأنه ما اخذ الربوبية الا من كل لا من واحد. فما تعين له من الكل الا م يناسبه، فهو ربه 10. .. “ ( فصوص 1 / 90 - 91 ).

“ فما من اسم الهي الا وهو يخشى اللّه لعلمه بما عنده من الأسماء التي تقابل هذا الاسم الوالي في الحال صاحب الحكم، فيقول: كما ولاني ولم أكن واليا على هذا المحل الخاص الذي ظهر فيه حكمي، قد يعزلني عن ذلك بوال آخر يعني بحكم اسم آخر الهي، فلا أعلم من الأسماء الإلهية، فلا أخشى منها للّه. ..

كقول أيوب عليه السلام إذ نادى ربه اني مسني الضر 11 يطلب: عزل الاسم الضار وإزالة حكمه. .. “ ( ف 4 / 130 ).

( ب ) يميز الشيخ الأكبر بين الألوهية الدائمة التلوين، لان اللّه دائم التجلي في الصور. وبين الربوبية التي لكل اسم من الأسماء الإلهية، وهي ثابتة له ل تتغير. يقول:

“ فان الرب له الثبوت والاله يتنوع بالأسماء فهو كل يوم في شأن 12 “ 13

( فصوص 1 / 73 ).

****

اللّه: هو الجامع للنسب [ الأسماء والصفات ] في مقابل الذات المعراة عن كل نسبة، فلا يعرف اللّه الا بالعالم، اي لا يعرف الإله الا بالمألوه.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ثم إن الذات لو تعرّت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثته أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا ألها، فلا يعرف حتى نعرف. .. فان بعض الحكماء. .. ادّعوا انه يعرف اللّه من غير نظر في العالم وهذا غلط.

نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف انها إله حتى يعرف المألوه.

فهو الدليل عليه. ثم. ..

يعطيك الكشف ان الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته.

وان العالم ليس الا تجليه في صور أعيانهم الثابتة التي يستحيل وجوده بدونه، وانه يتنوع ويتصور بحسب حقائق هذه الأعيان وأحوالها 14. “ ( فصوص 1 /81 ).

كما يقول:

“ فأثبتني لنثبتكم الها ولا تنفي الأنا، فيزول انتا “ ( ف 4 / 40 ).

****

اللّه: هو مظهر تجلي الهو.

في التعريف الأول نجد لفظ الجلالة اسم علم للذات ،

في حين ان الشيخ ابن العربي هنا يضع بينهما الهو: الذات تتجلى وتظهر في الهو، الذي يتجلى ويظهر في الاسم الجامع اي اللّه، الذي يتجلى ويظهر في الأسماء كلها.

فمرتبة الهوية تفصل بين الذات المطلقة عن كل نسبة وقيد، وبين مرتبة الألوهية التي ترتبط بالمألوه 15.

يقول الحاتمي:

“ فالذات للهو كالذات للصفات وهو لها كالصفات للذات.

والهو للاسم الجامع كالذات للصفات وهو له كالصفات للذات.

والاسم الجامع لسائر الأسماء

كالذات للصفات وهم له كالصفات للذات: فالذات مهيمنة على الهو، والهو مهيمن على الاسم الجامع، والاسم الجامع مهيمن على سائر الأسماء، إذ هي تتعلق به وهو يتعلق بالهو والهو يتعلق بالذات، إذ هو مظهر تجليها والاسم الجامع مظهر تجليه والأسماء كلها تجليات الاسم الجامع “ ( رسالة شق الجيوب ص 70 ).

****

اللّه: هو المؤثر على الاطلاق في مقابل العالم المتأثر على الاطلاق 16.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو: اللّه. والمؤثر فيه بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة هو: العالم “ ( فصوص 1 / 183 ).

****

اللّه: هو الاله الحق، المطلق، المجهول، الذي لا يكون بالاتخاذ والجعل فلا تضبطه الحدود، في مقابل الاله المخلوق أو المجعول 17: اله المعتقد الذي تحده العقائد وتنسحب عليه عملية التنزيه.

يقول الشيخ ابن العربي:

“ ( 1 )والاله الحق. لا يكون بالاتخاذ والجعل إذ ألوهيته محققة في نفس الامر. .. “ ( وسائل السائل ص 3 )

“ فكل صاحب نظر ما عبد ولا اعتقد الا ما أوجده في محله. وما وجد في محله وقلبه الا مخلوق وليس هو الاله الحق. .. “ ( ف 4 / 211 ).

“ ( 2 )فاله المعتقدات تأخذه الحدود وهو الاله الذي وسعه قلب عبده. فان الاله المطلق لا يسعه شيء لأنه عين الأشياء وعين نفسه. .. “ ( فصوص 1 / 226 ) “ فلا تصح العبودية المحضة 18 التي لا يشوبها ربوبية أصلا الا للانسان الكامل وحده. ولا تصح ربوبية لا تشوبها عبودة بوجه من الوجوه الا للّه تعالى. .. فهو [ الانسان ] المألوه المطلق، والحق سبحانه هو الاله المطلق “ ( ف 2 / 603 ).

“ ( 3 )فاعبد ربك. .. في كل إضافة 19 حتى يأتيك اليقين. .. ما عبد أحد الاله المطلق عن الإضافة فإنه الاله المجهول. .. “ ( ف 4 / 417 ).

خاتمة: لقد أخرنا المضمون السادس للفظ الجلالة، لأنه في الواقع يلغي كل ما تقدم ذكره، فلو حاولنا تطبيقيا ان نتبع الشيخ الأكبر في تفكيره ونعرّف

“ اللّه “ في نظره لصمتنا. فالصمت تعريف ما لا تحده الحدود، ولكن العقل يرفض الا ان يحدد حتى اللا محدود.

ولذلك تجاوزنا الكلمات في محاولة تحديد مرتبيه حتى لا يصبح “ اللّه “ في سطورنا الها آخر جديدا من آلهة المعتقدات [ راجع “ اله المعتقدات “ ].

فكيف نحدد “ اللّه “ وهو كما يقول الشيخ الأكبر: “ فلا شاهد ولا مشهود الا اللّه “ ( رسالة القواعد الكلية ق 16 ).

..........................................................................................

( 1 ) فليراجع:

كتاب شرح الجلالة. ص 42 لعبد الرحمن الكردي سنة 1195 هـ. وهو تلميذ عبد الغني النابلسي، مخطوط من مكتبة السيد مطيع الحافظ الخاصة وهي نسخة قيمة لعلها بخط المؤلف. هذا الكتاب قد افرد للفظ الجلالة: “ اللّه “ وما يحويه من المعاني وم يرمز اليه من الحقائق والحضرات على منهج الشيخ الأكبر.

- تفسير أسماء اللّه الحسنى الزجاج ص 25.

- شرح جوهرة التوحيد ص 10 نشر محمد محي الدين عبد الحميد.

- كتاب الارشاد الجويني ص ص 144 مطبعة السعادة بمصر 1950 م.

- احمد الغزالي: التجريد في كلمة التوحيد ص 17.

( 2 ) يباين الشيخ ابن العربي بين الاشتقاقات الثلاثة للأصل أله: إله - الإله - اللّه، وهو بذلك يوافق علماء اللغة والمفسرين.

إله: كل ما عبد من صورة أو بشر أو شجر أو صنم. ..

الاله: كل ما عبد، ولكن قد يكون المعبود الحقيقي. ولذلك يستعمله أحيانا بمعنى “ اللّه “ فيقول: الاله الحق أو الاله المطلق كما ورد في مترادفات لفظ الجلالة. وأحيانا أخرى بمعنى “ اله “ فيقول: الاله المخلوق الاله المجهول كم سنرى في مرادفات كلمة “ اله المعتقدات “ فلتراجع.

اللّه: هو المعبود الحقيقي الذي سنفصّل مضامينه.

يقول الشيخ ابن العربي في معرض الكلام على “ لا اله الا اللّه “:

“ لا اله الا اللّه. .. وتوجه النفي على النكرة وهو اله، وتوجه الاثبات على المعرفة وهو: اللّه. وانما توجه النفي على النكرة وهو: اله، لان تحتها كل شيء، وما من شيء الا وله نصيب في الالوهة يدّعيه، فلهذا توجه عليه لنفي لان الاله من ل يتعين له نصيب، فله الانصباء كلها. ولما عرف ان الاله حاز الانصباء كلها عرفوا انه مسمى اللّه “ ( ف 4 / 89 ).

كما يراجع - شرحه للجملة نفسها في الفتوحات ج 2 ص 224 - 225.

- أنوار التنزيل البيضاوي ص 2.Islam. Jean During. ed. Robert laffont pp 194 - 195: ( Lenom “ Allah “ selon Ibn Arabi ).

( 3 ) في مقابل الاله المقيد في المعتقدات ،

( 4 ) في مقابل الاله المخلوق في نظر النظار ،

( 5 ) في مقابل الاله المعلوم المعروف في المعتقد ،

“ وهو [ اللّه ] المعروف في كل عقد وان اختلفت العقائد. .. “ ( ف 4 / 416 ).

( 6 ) قارن هذا الكلام بما يقوله القيصري في “ تأويلات القرآن “ مخطوط الظاهرية رقم 6824 ق 167 أو ق 170 ،

( 7 ) يضع الشيخ ابن العربي مسمى اللّه هنا في مرتبة الكمال الذي يستغرق جميع النسب المحمودة والمذمومة عرفا وعقلا وشرعا، انه الإله المطلق في مقابل إله المعتقدات الذي يخضع للتنزيه.

( 8 ) راجع “ رب “ لان الشيخ ابن العربي يعطي معنى خاصا للربوبية في مقابل الألوهية.

( 9 ) من حيث إن وحدته لها جمعية الأسماء، لذلك اتى بكلمة “ كل “.

( 10 ) راجع شرح هذا المقطع في الفصوص ج 2 ص ص 85 - 89 ،

( 11 ) إشارة إلى الآية :” وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ “. ( 21 / 283 )

( 12 ) راجع “ شأن “

( 13 ) راجع شرح هذه الجملة في الفصوص ج 2 ص ص 41 - 42

( 14 ) انظر شرح أبو العلا عفيفي على هذا المقطع. الفصوص ج 2 ص ص 60 - 61، كما تراجع الفتوحات ج 4 ص 423 ،

( 15 ) راجع “ ألوهية “.

( 16 ) راجع “ مؤثر “ و “ مؤثر فيه “.

( 17 ) راجع “ اله المعتقدات “.

( 18 ) انظر “ عبد محض “

( 19 ) الإضافة هنا بمعنى: ما أضاف الحق نفسه اليه مثلا: الهكم. .. ربنا. .. وعبادة الإضافة: هي ان تعبد اللّه في اضافته وكأنك أنت المقصود بها.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!