الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثاني ومائتان في حال الأدب]

و قال في الباب الثاني ومائتين ما نصه اعلم أن آداب الشريعة كلها ترجع إلى ما نذكره وهو أن لا يتعدى العبد في الحكم موضعه في جوهر كان، وفي عرض، وفي زمان، وفي مكان، وفي وضع، وفي إضافة، وفي حال، وفي مقدار، وعدد، وفي مؤثر، وفي مؤثر فيه فأما أدبه في الجوهر فهو أن يعلم العبد حكم الشرع في ذلك فيجريه فيه، بحسبه وأما أدب العبد في الأعراض فهو ما يتعلق بأفعال المكلفين من وجوب، وحظر، وإباحة، ومكروه، وندب وأما أدبه في الزمان فلا يتعلق إلا بأوقات العبادات المرتبطة بالأوقات فكل وقت له حكم في المكلف ومنه ما يضيق وقته ومنه ما يتسع وأما أدبه في المكان كمواضع العبادات مثل بيوت اللّه فيرفعها عن البيوت المنسوبة إلى الخلق ويذكر فيها اسمه وأما أدبه في الوضع فلا يسمى الشيء بغير اسمه ليغير عليه حكم الشرع بتغيير اسمه فيحلل ما كان محرما ويحرم ما كان محللا كما في حديث سيأتي على أمتي زمان يظهر فيه أقوام يسمون الخمر بغير اسمها أي: فتحا لباب استحلالها بالاسم، وقد تفطن لما ذكرناه الإمام مالك رحمه اللّه تعالى فسئل عن خنزير البحر فقال: هو حرام فقيل له: إنه من جملة سمك البحر فقال: أنتم سميتموه خنزيرا فانسحب عليه حكم التحريم لأجل الاسم كما سموا الخمر نبيذ وتريزا فاستحلوها بالاسم وقالوا: إنما حرم علينا ما كان اسمه خمرا وأما أدب الإضافة فهو مثل قول الخضر فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهٰا [الكهف: 79] وقال: فأردنا أن يبدلهما ربهما وذلك للاشتراك بين ما يحمد ويذم وقال: فأراد ربك لتخليص المحمدة فيه فأفاد أن الشيء الواحد يكتسب ذما بالنسبة إلى جهة ويكتسب حمدا بالإضافة إلى جهة أخرى، وهو هو بعينه وإنما تغير الحكم بالنسبة وأما أدب الأحوال كحال السفر في الطاعة، وحال السفر في المعصية فيختلف الحكم بالحال وأما الأدب في الأعداد فهو أن لا يزيد في أفعال الطهارة على أعضاء الوضوء ولا ينقص وكذا القول في أعداد الصلوات والزكوات ونحوها وكذلك لا يزيد في الغسل عن صاع والوضوء عن مد وأما أدبه في المؤثر فهو أن يضيف القتل والغضب مثلا إلى فاعله ويقيم عليه الحدود وأما أدبه في المؤثر فيه كالمقتول قودا فينظر هل قتل بصفة ما قتل به وبأمر آخر وكالمغصوب إذا وجد بغير يد الذي باشر الغصب فهذه أقسام آداب الشريعة كلها،


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!