الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثاني والسبعون وأربعمائة في حال قطب كان منزله اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولٰئِكَ اَلَّذِينَ هَدٰاهُمُ اَللّٰهُ وأُولٰئِكَ هُمْ أُولُوا اَلْأَلْبٰابِ]

و قال في الباب الثاني والسبعين وأربعمائة في قوله تعالى: لاٰ يُحِبُّ اَللّٰهُ اَلْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ اَلْقَوْلِ [النساء: 148] في هذه الآية نفي للمحبة أن يكون متعلقها الجهر بالسوء من القول مع أن الجهر بالسوء قد يكون قولا وقد يكون فعلا فيكون المراد بهذا السوء القولي، وأما السوء الفعلي فقد وقع التصريح بالنهي عنه في آيات أخر وربما كان ذلك يؤخذ من هذه الآية بطريق الأولى والمراد بالجهرية ظهور الفحشاء من العبد كما في حديث «من بلي منكم بشيء من هذه القاذورات فليستتر» يعني لا يجهر بها وأطال في ذلك. ثم قال: فعلم أن السوء على نوعين سوء شرعي وسوء يسوؤك وإن حمده الشرع ولم يذمه فهذا السوء هو سوء من حيث كونه يسوؤك لا أن السوء فيه حكم اللّه كما في السيئة الثانية في قوله تعالى: وجَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ  مِثْلُهٰا [الشورى: 40 ] فإن السيئة الأولى في الآية شرعية لأن صاحبها تعدى حدّ اللّه والسيئة الثانية التي هي جزاء ليست بشرعية وإنما سميت سيئة لأنها تسوء المجازي بها، فإن اللّه لا يشرع البداءة بالسوء ولكن لما أطلق في الاصطلاح في اللسان على السيء والحسن نزل الشرع من عند اللّه بحسب التواطؤ فإنهم سموا سوءا وقالوا: إن ثم سوءا فأخبرنا اللّه تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم أي لا يحب السوء الذي سميتموه أنتم سوءا لكونه لا يوافق أغراضكم فما ثم إلا حسن بنسبة سيئ بالنسبة في الحقيقة ولكن كل ما وافق الأغراض من القول فهو حسن كما أن كل شيء من اللّه حسن ساء ذلك أم مر فليتأمل ويحرر.  529 مِثْلُهٰا [الشورى: 40 ] فإن السيئة الأولى في الآية شرعية لأن صاحبها تعدى حدّ اللّه والسيئة الثانية التي هي جزاء ليست بشرعية وإنما سميت سيئة لأنها تسوء المجازي بها، فإن اللّه لا يشرع البداءة بالسوء ولكن لما أطلق في الاصطلاح في اللسان على السيء والحسن نزل الشرع من عند اللّه بحسب التواطؤ فإنهم سموا سوءا وقالوا: إن ثم سوءا فأخبرنا اللّه تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم أي لا يحب السوء الذي سميتموه أنتم سوءا لكونه لا يوافق أغراضكم فما ثم إلا حسن بنسبة سيئ بالنسبة في الحقيقة ولكن كل ما وافق الأغراض من القول فهو حسن كما أن كل شيء من اللّه حسن ساء ذلك أم مر فليتأمل ويحرر. وقال في قوله تعالى: إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [الروم: 24] اعلم أن من الأدب أن تمشي حيث مشى بك الشرع وتقف حيث وقف بك فتعقل فيما قال لك فيه اعقل، وتؤمن فيما قال لك فيه آمن وتنظر فيما قال لك فيه: انظر يعني تفكر وتسلم فيما قال لك فيه سلم وذلك لأن الآيات وردت في القرآن متنوعة ف‍ لَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، ولَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 99] ، ولَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] ، ولَآيٰاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [الروم: 23] ، ولَآيٰاتٍ لِلْعٰالِمِينَ [الروم: 22] ، وآيٰاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ، وآيٰاتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذاريات: 20] وآيات لِأُولِي اَلنُّهىٰ [طه:128] لَآيٰاتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبٰابِ [آل عمران: 190] وآيات لِأُولِي اَلْأَبْصٰارِ [النور: 44] ففصل كما فصل لك الحق ولا تتعد إلى غير ما ذكر لك ونزل كل آية وغيره موضعها وانظر فيمن خاطبه بها واجعل نفسك مخاطبا بها فإنك مجموع ما ذكر فإنك منعوت بالعقل والإيمان والتفكر والتقوى والعلم والسمع واللب والأبصار وغير ذلك، فانظر بنظرك في تلك الصفة الذي نعتك بها وأظهرتها تكن ممن جمع له القرآن وأعطى الفرقان.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!