الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الحادي والثلاثون في معرفة أصول الركبان]

و قال في الباب الحادي والثلاثين في قوله تعالى حكاية عن الخضر عليه السلام فأردنا أن يبدلهما ربهما بنون الجمع إنما قال أردنا لأن تحت هذا اللفظ أمر إن أمر إلى الخير وأمر إلى غيره في نظر موسى عليه السلام وفي مستقر العادة فما كان من خير في هذا الفعل فهو للّه تعالى من حيث ضمير النون وما كان من نكر في ظاهر الأمر في نظر موسى ذلك الوقت كان للخضر من حيث ضمير النون فعلم أن نون الجمع لها هنا وحهان لما فيها من الجمع وجه إلى الخبرية به أضاف الأمر إلى اللّه ووجه إلى العيب به أضاف العيب إلى نفسه قال: ولو أن الخطيب الذي قال: ومن يعصهما فقد غوى يعني اللّه ورسوله كان يعرف هذين الوجهين اللذين قررناهما كما كان الخضر يعرفهما ولم يقل له النبي صلى اللّه عليه وسلم بئس الخطيب أنت فخجل ومن يعص اللّه ورسوله على أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جمع نفسه مع ربه في ضمير واحد فقال في خطبة رويناها عنه ومن يطع اللّه

 43 ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فلا يضر إلا نفسه ولا يضر اللّه شيئا وما ينطق عن الهوى فافهم وقال في قوله تعالى: ومِنْ آيٰاتِهِ مَنٰامُكُمْ بِاللَّيْلِ واَلنَّهٰارِ [الروم: 23] إنما لم يقل تعالى: «و بالنهار» ليحقق لنا أنه يريد أننا في منام في حال يقظتنا المعتادة أي أنتم في منام ما دمتم في هذه الدار يقظة ومناما بالنسبة لما أمامكم فهذا سبب عدم ذكر الباء في قوله: واَلنَّهٰارِ واكتفى بالليل. وقال في قوله تعالى: إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي اَلْأَبْصٰارِ [آل عمران: 13] هو من العبور لا من الاعتبار فمعنى الآية لا تقفوا على ظاهر الصور بل اعبروا من ظاهر تلك الصورة إلى باطنها المراد منها كما أن الذي يراه الإنسان في حال نومه ما هو مراد لنفسه وإنما هو مراد لغيره فيعبر من تلك الصورة المرئية في حال النوم إلى معناها المراد بها في عالم اليقظة إذا استيقظ من نومه وكذلك حال الإنسان في الدنيا ما هو مطلوب للدنيا فكل ما يراه من حال وقول وعمل إنما هو مطلوب للآخرة فهناك يعبر ويظهر له في الدنيا حالة اليقظة وأطال في ذلك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!