الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الثامن والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل سرين من أسرار قلب الجمع والوجود]

و قال في الباب الثامن والأربعين وثلاثمائة في قوله تعالى: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكٰاةٍ فِيهٰا مِصْبٰاحٌ [النور: 35] الآية. اعلم أن الشجرة التي توقد منها المصباح مثال لهويته تعالى فإن هويته تعالى لا هي شرقية، ولا هي غربية ولا تقبل الجهات والزيتونة هنا هي مادة الزيت الذي هو المادة للنور وكنى عن الهوية بالشجرة لأن الشجرة مأخوذة من التشاجر وهو النضاد لأن الهوية حاملة للأسماء المتقابلة كلها كالمعز والمذل، والنافع، والضار فانظر يا أخي ما أكمل العبارات الإلهية في الإخبار بما هو الأمر عليه وأطال في ذلك. وقال في قوله صلى اللّه عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك» اعلم أن في هذا الحديث إشارة إلى أمة الاختصاص وهم الأولياء المحمديون خاصة فمن زاد على سبعين سنة فما هو محمدي المقام وإنما هو وارث لمن شاء اللّه من الأنبياء من آدم عليه السلام، إلى خالد بن سنان عليه السلام، وأطال في ذلك وقال: في حديث السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب أي: لم يكن ذلك في حسابهم، ولا تخيلوه فبدا لهم من اللّه خير لم يكونوا يحتسبونه وأطال في شرح كلمات الحديث. وقال: التجلي الرباني في الليل على ثلاثة أقسام وكذلك تجليه في النهار فيتجلى تعالى في الثلث الأول من الليل للأرواح المهيمة وفي الثلث الأوسط للأرواح المسخرة، وفي الثلث الآخر للأرواح الطبيعية المدبرة للأجسام العنصرية وأما النهار فيتجلى تعالى في الثلث الأول منه للأجسام اللطيفة التي لا تدركها الأبصار، وفي الثلث الأوسط للأجسام الشفافة، وفي الثلث الآخر للأجسام الكثيفة وأطال في ذلك وتقدم نحو ذلك في أجوبة شيخنا رضي اللّه عنه. وقال: الشمس غير غائبة عن الأرض في طلوعها وغروبها وإنما تطلع وتغيب عن العالم الذي فيها والظلام الحادث في الأرض إنما هو اتصال ظلالات ما فيها من العالم فهو على الحقيقة ظل والناس يسمونه ظلاما ومن لا كشف له يسميه ظل الأرض لما هي عليه من الكثافة والدهر من حيث عينه يوم واحد لا يتعدد ولا ليل له، ولا نهار، اللّه نور السموات والأرض. أي: منورهما وذلك النور مستمر غير منقطع فافهم وقال: لا تقوم الساعة حتى يظهر الكشف في الخاص والعام، كلما قربت الساعة كان الكشف في الناس أكمل وأتم، وقال: يخرج النيل والفرات من أصل سدرة المنتهى فيمشيان إلى الجنة. ثم يخرجان منها إلى دار الجلال فيظهر النيل من جبل القمر ويظهر الفرات من أردن الروم وهما في غاية الحلاوة وإنما تغير طعمهما عما كانا عليه في الجنة من مزاج الأرض فإذا كان يوم القيامة عادا إلى الجنة.

(قلت) : ومن أين يشرب الناس من حين قيامهم من قبورهم إلى دخول الجنة أم لا، أحد يشرب حتى يدخل الجنة، ويرد الحوض فمن وجد شيئا فليلحقه بهذا الموضع واللّه عليم خبير. وقال في قوله: إن أحصنت أمتي فلها يوم وإن أساءت فلها نصف يوم يعني: من أيام الرب الذي هو كألف سنة مما تعدون والمراد بإحسانها نظرها إلى العمل بشريعة نبيها صلى اللّه عليه وسلم، وإنما قال صلى اللّه عليه وسلم: «إن أحسنت وإن أساءت» . ولم يقطع بشيء لعلمه صلى اللّه عليه وسلم، أن أحوال أمته بين حكم الاسم الخاذل والناصر وليس ليومهما مقدار معلوم عندنا بل ميزانه لا يعلمه إلا اللّه قلت: وقد أحسنت وللّه الحمد وجاوزت الخمسمائة سنة المحسوبة من ولاية معاوية فالحمد للّه رب العالمين.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!