الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب السادس والأربعون وثلاثمائة في معرفة منزل سر صدق فيه بعض العارفين فرأى نوره كيف ينبعث من جوانب ذلك المنزل وهو من الحضرات المحمدية]

و قال في الباب السادس والأربعين وثلاثمائة: إنما قال اللّه تعالى في الحديث القدسي: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به. إلى آخره وذكر الصور المحسوسة دون القوى الروحانية كالخيال، والفكر، والحفظ، والتصوير، والوهم، والعقل لأن هذه مفتقرة إلى الحواس والحق تعالى لا يتنزل منزلة من يفتقر إلى غيره من المخلوقات بخلاف الحواس الظاهرة فإنها إنما هي مفتقرة إلى اللّه تعالى لا إلى غيره فتنزل تعالى لمن هو مفتقر إليه لم يشرك به أحدا فعلم أن الحواس أتم لكونها هي التي تهب القوى الروحانية ما تصرف فيه وما به تكون حياتها العلمية، قال: ولما كان تجلّي الحق تعالى في الثلث الآخر من الليل يعطي العلوم والمعارف أكثر مما يعطي الثلث الأول، والأوسط كان علم أهل الثلث الآخر من مدة عمر هذه الأمة أكمل وأتم وذلك لأن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، لما بعثه اللّه والكفر ظاهر لم يدع الصحابة إلا إلى الإيمان خاصة ولم يظهر لهم شيئا من العلم المكنون وصار يترجم لهم عما نزل من القرآن بحسب ما يبلغه إلى عموم ذلك القرن فكان الصحابة أتم في مقام الإيمان والتابعون أتم في العلم، وتابع التابعين أتم في العمل، قال: والحكمة في كون الصحابة أقوى إيمانا أن نشأة الإنسان فطرت على الحسد فلما بعث إليها نبي من جنسها لم يؤمن به إلا من قوي على دفع ما في نفسه من الحسد وحب الشفوف وهروبها من الدخول تحت حكم غيرها فكان إيمان الصحابة أقوى بهذا النظر لمشاهدتهم تقديم جنسهم عليهم وكان معظم اشتغالهم فيما يدفع سلطان الحسد أن يقوم بهم وذلك مانع لهم من إدراك غوامض العلوم والأسرار، فارتفعوا علينا بقوة الإيمان ولكن جبر اللّه نقصنا بإعطائه لنا التصديق بما نقل لنا عنهم من الشرع فحصل لنا درجة الإيمان بالغيب الذي لا درجة للصحابة فيه ولا قدم فعلم أنهم ما فضلونا إلا بقوة الإيمان والسبق وأما في العلم والعمل فقد يساويهم غيرهم في ذلك وأطال في ذلك، ثم قال: 403 فالحمد للّه جاء بنا في الزمن الأخير وجبر قلوبنا بالتصديق، وعدم الشك والتردد فيما وجدناه منقولا في أوراق سوادا في بياض ولم نطلب على ذلك دليلا ولا ظهور آية ولو أننا جئنا في عصر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ما كنا نعرف كيف يكون حالنا عند مشاهدته صلى اللّه عليه وسلم، هل كان يغلب علينا داء الحسد فلا نطيعه أم نغلب نحن نفوسنا ونطيعه فكفانا باللّه ذلك فله الحمد على كل حال


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!