الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب التاسع والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل جثو لشريعة بين يدي الحقيقة تطلب الاستمداد من الحضرة المحمدية]

و قال في الباب التاسع والثلاثين وثلاثمائة: من شرف هذه الأمة المحمدية على سائر الأمم أن اللّه تعالى أنزلها منزلة خلفاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، في العالم قبل ظهوره فإنه تعالى أعطى خلفاءه من الأنبياء التشريع، وأعطى هذه الأمة الاجتهاد في نصب الأحكام، وأمرهم أن يحكموا بما أدى إليه اجتهادهم وذلك تشريع فلحقوا بمقامات الأنبياء عليهم السلام، في ذلك وجعلهم ورثة لهم لتقدمهم عليهم فإن المتأخر يرث المتقدم بالضرورة، وأطال في ذلك. وقال فيه في معنى حديث: «جعلت لي الأرض مسجدا» . اعلم أن في هذا الحديث إشارة إلى أن جميع الأرض بيت اللّه ليلازم العبد الأدب حيثما حل كما يؤمر به في المساجد فأهل الأدب من هذه الأمة جلساء اللّه على الدوام، لأنهم في مسجد وهي الأرض أحياء وأمواتا فإنهم في قبورهم قد انتقلوا من ظهر الأرض إلى بطنها وحرمة المسجد إلى سبع أرضين. وقال فيه: قد نزّل اللّه تعالى محمدا أربع منازل لم ينزل فيها غيره من الأنبياء وهي أنه أعطاه ضروب الوحي كلها من وحي المبشرات، وأنزله على القلب، والأذن، وأعطاه إنهاء علم الأحوال كلها لأنه أرسله إلى جميع الناس كافة وأحوالهم مختلفة بلا شك فلا بد أن تكون رسالته تعم العلم بجميع الأحوال وأعطاه أيضا علم إحياء الأموات معنى وحسا وأعطاه أيضا علم الشرائع المتقدمة كلها وأمره أن يهتدي بهداهم لا بهم فهذه أربع منازل خص بها.

(و قال) : فيه في قوله تعالى: قُلْ رَأَيْتُمْ مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ أَرُونِي مٰا ذٰا خَلَقُوا مِنَ اَلْأَرْضِ [الأحقاف: 4] . اعلم أن خلق عيسى للطير إنما كان بإذن اللّه فكان خلقه الطير عبادة يتقرب بها إلى اللّه لأنه مأذون له في ذلك فما أضاف تعالى الخلق إلا لإذن اللّه وعيسى عليه السلام، عبد، والعبد لا يكون إلها قال: وإنما جئنا بهذه المسألة في هذه الآية لعموم كلمة ما فإنها تطلق على كل شيء ممن يعقل ومما لا يعقل كذا قال سيبويه وهو المرجوع إليه في العلم باللسان فإن بعض المنتحلين لهذا الفن يقولون: إن لفظة ما تختص بما لا يعقل ومن تختص بمن يعقل قال: وهو قول غير محرر فقد رأينا في كلام العرب جمع من لا يعقل جمع من يعقل وإطلاق ما على من يعقل وإنما قلنا هذا لئلا يقال في قوله: مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ . إنما أراد من لا يعقل، وعيسى يعقل فلا يدخل في هذا الخطاب قال: وقول سيبويه أولى


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!