الفتوحات المكية

الكبريت الأحمر في بيان علوم الشيخ الأكبر

وهو منتخب من كتاب لواقح الأنوار القدسية المختصر من الفتوحات المكية

تأليف الشيخ عبد الوهاب الشعراني

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


[الباب الأحد والثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل الرؤية والقوة عليها والتداني والترقي والتلقي والتدلي وهو من الحضرة المحمدية والآدمية]

و قال في الباب الحادي والثلاثين وثلاثمائة: اعلم أن موسى عليه السلام، ما قال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ  [الأعراف: 143 ] إلا لما قام عنده من التقريب الإلهي فطمع في الرؤية فسأل ما يجوز له السؤال فيه ذوقا، ونقلا لا عقلا، لأن ذلك من محاورات العقول ومعلوم أن الرسل أعلم الناس باللّه تعالى، وأنهم يعرفون أن الحق تعالى مدرك بالإدراك فإن الأبصار لا تدركه مع أنها آلة يدرك العبد بها رؤية ربه قال: وإنما منع موسى الرؤية لأنه سألها من غير وحي إلهي بها ومقامهم الأدب فلهذا قيل له: لن تراني ثم إنه تعالى استدرك استدراكا لطيفا لما علم تعالى أن حد موسى انتهى من حيث سؤاله الرؤية بغير وحي بالإحالة على الجبل في استقراره عند التجلي إذ الجبل من الممكنات فلما تجلّى الحق للجبل واندك علم موسى أنه فيما لم يكن ينبغي له وإن كان الحامل له على ذلك الشوق مثل ما يقع فيه من سكر من حب اللّه فقال: تُبْتُ إِلَيْكَ وأَنَا أَوَّلُ اَلْمُؤْمِنِينَ [الأعراف: 143] بوقوع هذا الجائز، وأطال في صفات الناس في رؤية اللّه عز وجل.

(و قال) : فيه في قوله تعالى: فَرَأَيْتَ مَنِ اِتَّخَذَ إِلٰهَهُ هَوٰاهُ وأَضَلَّهُ اَللّٰهُ عَلىٰ عِلْمٍ [الجاثية: 23] .

اعلم أن الهوى أعظم من عبد من دون اللّه فإنه لنفسه حكم وهو الواضع لكل ما عبد ولو لا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بالإله وأطال في ذكر من ادّعى الألوهية من العبيد ومن ادعيت فيه ولم يدعها ومن ادعاها في سكر ثم قال: وكان الحلاج ممن ادّعاها في سكر بيقين فقال قول السكارى فخبط، وخلط بحكم السكر عليه كما يشتم السكران أعظم ملوك الدنيا في حال سكره ولا يلتزم معه أدبا فالحلاج سعيد وإن شقي به آخرون، وأطال في ذلك ثم قال: وإذا كان يوم القيامة جسد اللّه الهوى كما يجسد الموت لقبول الذبح كبشا فعذبه في صورته تلك وتجسد المعاني لا ينكره العلماء باللّه تعالى فإن كان من اتبع هواه مسلما خرج من النار بعد إنهاء العقوبة حدها وبقي صورة هواه معذبة وإن كان كافرا بقي مع صورة هواه أبد الآبدين،


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!