الفتوحات المكية

اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... المزيد)


بالعزلة ثم إن ارتقى إلى طور أعلى من هذا فيجعل عزلته رياضة وتقدمة بين يدي خلوته لتالف النفس قطع المألوفات من الأنس بالخلق فإنه يرى الأنس بالخلق من العلائق والعوائق الحائلة بينه وبين مطلوبه من الأنس بالله والانفراد به فإذا انتقل من العزلة بعد إحكامه شرائطها سهل عليه أمر الخلوة هذا سبب العزلة عند خاصة أهل الله‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فهذه العزلة نسبة لا مقام والعزلة الأولى التي ذكرناها مقام مطلوب ولهذا جعلناها في المقامات من هذا الكتاب وإذا كانت مقاما فهي من المقامات المستصحبة في الدنيا والآخرة فللعارفين من أهل الأنس والوصال في العزلة من الدرجات خمسمائة درجة وثمان وثلاثون درجة وللعارفين الأدباء الواقفين مائة وثلاث وأربعون درجة وللملامية فيها من أهل الأنس خمسمائة درجة وسبع درجات وللملامية من أهل الأدب الواقفين معهم مائة واثنتي عشرة درجة والعزلة المعهودة في عموم أهل الله من المقامات المقيدة بشرط لا تكون إلا به وهي نسبة في التحقيق لا مقام إلا أنها تحصل عنها فوائد أقلها العصمة لها الدعوى صاحبها مسئول وعلتها سوء الظن بنفسك أو بمن اعتزلت عنهم وهذا كله في عزلة العموم وهي من عالم الجبروت والملكوت ما لها قدم في عالم الشهادة فلا تتعلق معارفها بشي‏ء من عالم الملك‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

لا تفرحن بالاعتزال فإنه *** جهل وأين الله والأرواح‏

نور الإله أجل منك نفاسة *** ومع الجلال جليسه المصباح‏

لم يعتزل عن نور كون حادث *** وإلى التعلق ذاته ترتاح‏

لو أن نور الحق معتزل لما *** ظهر الوجود ودامت الأفراح‏

بالنور من فلك البهاء إذا بدا *** للناظرين أضاءت الأشباح‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

اعلم أيدنا الله وإياك أن مثير العزلة إنما هو خوف القواطع عن الوصلة بالجناب الإلهي أو رجاء الوصلة بالعزلة به لما كان في حجاب نفسه وظلمة كونه وحقيقة ذاته يبعثها على طلب الوصلة ما هي عليه من الصورة الإلهية كما يطلب الرحم الوصلة بالرحمن لما كانت شجنة منه‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

ثم إن العبد رأى ارتباط الكون بالله ارتباطا لا يمكن الانفكاك عنه لأنه وصف ذاتي له وتجلى له في هذا الارتباط وعرف من هذا التجلي وجوبه به وأنه لا تثبت لمطلوبه هذه الرتبة إلا به وأنه سرها الذي لو بطل لبطلت الربوبية ورآه في كل شي‏ء مثل ما هو عنده ونسبة كل شي‏ء إليه كنسبته هو إليه فلم يتمكن له الاعتزال‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

فتأدب مع قوله تعالى مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ أي صفة نوره صفة المصباح ولم يقل صفة الشمس فإن الإمداد في نور الشمس يخفى بخلاف المصباح فإن الزيت والدهن يمده لبقاء الإضاءة فهو باق بإمداد دهني من شجرة نسبة الجهات إليها نسبة واحدة منزهة عن الاختصاص بحكم جهة وهو قوله لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ وهذا الإمداد من نور السبحات الظاهرة من وراء سبحات العزة والكبرياء والجلال فما ينفذ من نور سبحات هذه الحجب هو نُورُ السَّماواتِ والْأَرْضِ ومثله كمثل المصباح والنور الذي في الدهن معلوم غير مشهود وضوء المصباح من أثره يدل عليه وعلى الحقيقة ما هو نور وإنما هو سبب لبقاء النور واستمراره فالنور العلمي منفر ظلمة الجهل من النفس فإذا أضاءت ذات النفس أبصرت ارتباطها بربها في كونها وفي كون كل كون فلم تر عمن تعتزل‏

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية

وجعل هذا النور في مشكاة وزجاجة مخافة الهواء أن يجيره ويشتد عليه فيطفيه فكان مشكاته وزجاجته نشأته الظاهرة والباطنة فإنهما من حيث هما عاصمان فإنهما من الذين يُسَبِّحُونَ بحمد الله اللَّيْلَ والنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ وهما اللذان يشهدان على النفس المدبرة إذا أنكرت بين يدي الله فهما أهل عدالة قال تعالى شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وأَبْصارُهُمْ وهما من النشأة الباطنة وجلودهم وهي من النشأة الظاهرة فما من شخص يروم مخالفة حق إلا ونشأتاه تقولان له لا تفعل أيها الملك ولا تحوجنا أن نكون سببا في إهلاكك فإن الله إن استشهدنا شهدنا

أ لا ترى الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغ وأنذر ووعد وأوعد قال لقومه إنكم لتسئلون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك بلغت ونصحت وأديت فقال اللهم اشهد

وقد سأل هود قومه مع شركهم فقال اشْهَدُوا أَنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فاستشهدهم لعلمه أنهم لا بد أن يسألهم ونحن رعيتك ولا حركة لنا إلا بك فلا تحركنا إلا

--- المزيد من الاقتباسات من الفتوحات المكية


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!