اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[الشره والحرص نحيزتان في جبلة الإنسان]
اعلم أيدك الله أن هاتين الصفتين مجبول عليهما الإنسان بما هو إنسان وكل ما هو الإنسان مجبول عليه فمن المحال زواله فهو مقام لا حال فإنه ثابت ويتطرق إليه الذم من جهة متعلقة إذا كان مذموما شرعا وعقلا قال تعالى ولَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وقال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم زادك الله حرصا ولا تعد
فالآية موجهة لطرفي الحمد والذم لو لا الضمير الذي في قوله ولَتَجِدَنَّهُمْ فإنه يعود على قوم مذمومين وقرينة الحال تدل على أن مساقه الحرص فيها على الذم تكذيبا لهم فيما ادعوه من أن الدار الآخرة خالصة لهم من دون الناس فمن نظر في الحرص هنا الدلالة على كذبهم كان محمودا فيهم لأنه دليل إلهي على كذبهم فهو من جانب الحق فيهم عليهم حجة لله ولله الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ والمذموم هو المذموم من كل وجه من حيث ما هو فيهم لا من حيث دلالته عليهم وكان متعلقة ما يفنى وتكذيب الصادق كان مذموما وأما في الخبر الذي أوردناه فهو محمود لأنه حرص على أداء عبادة مفروضة