الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية) |
||
الباب: | فى الحج وأسراره |
الصفحة 729 - من الجزء الأول (عرض الصورة)بحسب ما حصل من الطعام من قيمة المثل والمثل والطعام تناوله سبب في بقاء حياة المتغذي به لأن هذا المتغذي أتلف نفسا وأزال حياة فجبرها وكفر ذلك بما يكون سببا لا بقاء حياة فكأنه أحياها زمان بقائها بحصول ذلك الغذاء من المثل أو الطعام [الصيام صفة ربانية]وأما الصيام فإنها صفة ربانية فكلف إن يأتي بها هذا القاتل إن لم يكفر بالمثل أو بالإطعام فإن أبيت فأخرج عن التحجير حتى يكون قاتل الصيد غير محجور عليه فلا يكلف شيئا قال وما هو قال الصوم فإنه لي وأنا لا أتصف بالحجر علي فتلبس بصفتي تحصل في الحمى عن الحجر عليك فإذا صمت كان الصوم لي والجوع لك فيما في الصوم من الجوع في حقك الذي ليس لي يكون كفارة لأن الجوع من الأسباب المزيلة للحياة من الحي فأشبه القتل الذي هو سبب مزيل للحياة من الحي ولم تزل حياتك بهذا الجوع لأنه جوع صوم والصوم من صفاتي وهو غير مؤثر في الحياة الأزلية فلهذا لم يجع جوع الإتلاف [الحق مذهب الأشياء لا معدمها]والحق سبحانه مذهب الأشياء لا معدمها لأنه فاعل والفاعل من يفعل شيئا فإن لا شيء ما يكون مفعولا فهو وإن أذهب الأشياء من موطن كان لها وجود في موطن آخر فإن الكون الذي منه الاجتماع والافتراق لا يدل على عدم الأعيان فالموت إذهاب لا إعدام فإنه انتقال من دنيا إلى آخرة التي أولها البرزخ فلما كان الإذهاب من صفات الحق لا الإعدام كما قال تعالى إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ ويَأْتِ بِآخَرِينَ ولم يقل يعدمكم لذلك لم يجعل جوع الصوم جوع إتلاف النفس وإن كان إذهابا لا إعداما وذلك أنه لا يصح الإعدام لهذا الموجود لأن المتصف بالوجود إنما هو الحق الظاهر في أعيان المظاهر فالعدم لا يلحق به أصلا فإنه يقول للشيء إذا أراده كُنْ فَيَكُونُ هو [الحق هو الظاهر في أعيان المظاهر]نظرت في كون من قالت إرادته *** إذا توجه للأشياء كن فتكون فعند ما حققت عيني تكونه *** إذا به عينه لا غيره فأكون فخذ فديتك علما كنت تجهله *** وانظر إلى أصعب الأشياء كيف يهون فالعلم أشرف نعت ناله بشر *** وصاحب العلم محفوظ عليه مصون إن قام قام به أو راح راح به *** والحال والمال في حكم الزوال يكون وليس ناظم هذا غيره فله *** ما قلت فهو الذي في عين كل مكون لو لا تجليه في الأعيان ما ظهرت *** نعوت كان به وكائن ويكون لذا تسمى بدهر لا انقضاء له *** ولا ابتداء فشكل الكون منه كنون (وصل في فصل هل يقوم الصيد أو المثل) فمذهبنا قد تقدم أن المثل يقوم وبينا ما هو المثل فقال بعضهم يقوم الصيد وقال قوم يقوم المثل وهو قولنا وخالفناهم في المثل ما هو وكذلك اختلفوا في تقدير الصيام بالطعام وقد تقدم مذهبنا فيه فقالت طائفة لكل مد يوما وقال قوم لكل مدين يوما (وصل في فصل قتل الصيد خطأ) اختلف فقيل فيه الجزاء وقيل لا شيء عليه فيه وبه أقول فإن قتل الخطاء هو قتل الله ولا حكم على الله فإنه بالنسبة إلى الله مقصود القتل وبالنسبة إلينا خطأ لظهور القتل على أيدينا وعدم القصد فيه فالمقتول متعمد أي مقصود بالقتل غير مقصود بالقتل فلهذا تصور الاختلاف لإطلاق الحكمين فيه فمن راعى أنه قتله من كونه ظاهرا في مظهر القاتل ما أوجب الجزاء لأن تلك العين التي ظهر فيها أعطته الحكم عليه بأن لا جزاء لأنه قاصد للقتل ومن راعى أنه القاتل من خلف حجاب الكون الظاهر ولكن ما أوقعه وظهر في الوجود الأعلى يد الظاهر أوجب الجزاء لأن الحكم لما ظهر والقصد غيب وما تعبدنا به فالقاتل إن عرف من نفسه أنه قتل غير قاصد فأوجب عليه ظاهر الشرع بالحكمين الجزاء جبرا كان ذلك له صدقة تطوع بوجوب شرعي في أصل مجهول عند الحاكم فجمع لهذا القاتل بين أجر التطوع والواجب فأسقط عنه ما يسقطه الواجب والتطوع معا وإن لم يره أحد مضى ولا شيء عليه (وصل في فصل اختلافهم في الجماعة المحرمين اشتركوا في قتل صيد) |
|
|||||||||
الفتوحات
المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين. |