The Meccan Revelations: al-Futuhat al-Makkiyya

Brwose Headings Section I: on Knowledge (Maarif) Section II: on Interactions (Muamalat) Section IV: on Abodes (Manazil)
Introductions Section V: on Controversies (Munazalat) Section III: on States (Ahwal) Section VI: on Stations (Maqamat of the Pole)
Part One Part Two Part Three Part Four

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة مقام النبوة وأسرارها

وإرادته المقيدتان بلو وهو حرف امتناع فيه سر خفي لأهل العلم بالله فإذا علمت هذا أقمت عذر العالم عند الله ولهذا كانت الملائكة تبدأ في نصرتها ودعائها بتسبيح ربها والثناء عليه بمثل هذه الأسماء تعريضا أن أصل ما هم فيه من حقائق قوله ومن يُضْلِلِ الله ومن يَهْدِ الله أي الكل بيدك وحينئذ يستغفرون إقامة لعذرهم عند الله وإلى الله يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فكل علم في العالم مستنبط من العلم الإلهي فهو العلم العام ولا يعرفه إلا نبي أو ولي مقرب مجتبى من ملك وبشر وأما النظر العقلي فإنه لا يصل إلى هذا العلم أبدا من حيث فكره ونظره في الأدلة التي يستقل بها

[سرد أسماء ملائكة التسخير في القرآن‏]

فهذا قد أريتك بعض ما هي عليه الولاية الملكية إلى ما فوق ذلك من تسخيرهم في إنزال الوحي ومصالح العالم من هبوب رياح ونش‏ء سحاب وإنزال مطر إذ كانوا الصَّافَّاتِ وفَالزَّاجِراتِ وفَالتَّالِياتِ والْمُرْسَلاتِ والنَّاشِراتِ وفَالْفارِقاتِ وفَالْمُلْقِياتِ والنَّازِعاتِ والنَّاشِطاتِ والسَّابِحاتِ وفَالسَّابِقاتِ وفَالْمُدَبِّراتِ وفَالْمُقَسِّماتِ وهؤلاء كلهم من ملائكة التسخير وولاية كل صنف من مرتبته التي هو فيها

[ملائكة التدبير ونصرتها للنفوس الناطقة]

وأما ملائكة التدبير وهم الأرواح المدبرة أجسام العالم المركب وهذه المدبرة هي النفوس الناطقة فإن الولاية فيها نصرتها لله فيما جعل في أخذها به سعادتها وسعادة جسدها الذي أمرت بتدبيره فيأتي الطبع فيريد نيل غرضه فينظر العقل ما حكم الشرع الإلهي في ذلك الغرض فإن رآه محمودا عند الله أمضاه وإن رآه مذموما نبه النفس عليه وطلب منها النصرة على قمع هذا الغرض المذموم فساعدته فنصرت العقل بقبول الخير وذلك لتكون كلمة الله المشروعة هي العليا على كلمة الله في الذين كفروا التي هي السفلي‏

[الصدقة تقع بيد الرحمن قبل وقوعها بيد السائل‏]

كما كانت الصدقة تقع في يد السائل وهي السفلي والسائل قوله وأَقْرِضُوا الله والصدقة تقع بيد الرحمن قبل وقوعها بيد السائل‏

المتلفظ بحروف السؤال واليد العليا هي المنفقة خير من اليد السفلي وهي السائلة والمال لله سبحانه هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما في السَّماواتِ وما في الْأَرْضِ ونحن مستخلفون فيه بل نحن الخزائن والخزنة لهذا المال فتحقق ما أومأنا إليه في هذا الباب فإنه نافع جدا ومزيل جهلا عظيما ومورث أدبا إلهيا فيه سعادة أبدية لمن وقف عنده وفهمه وعمل به‏

(الباب الخامس والخمسون ومائة في معرفة مقام النبوة وأسرارها)

بين الولاية والرسالة برزخ *** فيه النبوة حكمها لا يجهل‏

لكنها قسمان إن حققتها *** قسم بتشريع وذاك الأول‏

عند الجميع وثم قسم آخر *** ما فيه تشريع وذاك الأنزل‏

في هذه الدنيا وأما عند ما *** تبدو لنا الأخرى التي هي منزل‏

فيزول تشريع الوجود وحكمه *** وهناك يظهر أن هذا الأفضل‏

وهو الأعم فإنه الأصل الذي *** لله فهو نبأ الولي الأكمل‏

[النبوة نعت إلهى أثبتها في الجناب العالي الاسم السميع‏]

النبوة نعت إلهي يثبتها في الجناب العالي الاسم السميع ويثبت حكمها صفة الأمر الذي في الدعاء المأمور به وإجابة الحق عباده فيما يسألونه فيه فإنها أيضا من الله في حق العبد سؤال إلهي بصفة افعل ولا تفعل ونقول نحن سَمِعْنا وأَطَعْنا ويقول هو سبحانه سمعت وأجبت فإنه قال أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ وصيغة الأمر من العبد في الطلب اغْفِرْ لَنا ارْحَمْنا اعْفُ عَنَّا فَانْصُرْنا واهْدِنَا ارْزُقْنا وشبه ذلك وصيغة النهي من العبد في الدعاء لا تُزِغْ قُلُوبَنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ لا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ‏

[انقطاع الرسالة والنبوة التشريعية وبقاء المبشرات وحكم المجتهدين‏]

وليست النبوة بمعقول زائد على هذا الذي ذكرنا إلا أنه لم يطلق على نفسه من ذلك اسما كما أطلق في الولاية فسمى نفسه وليا وما سمي نفسه نبيا مع كونه أخبرنا وسمع دعاءنا فهو من الوجهين بهذه المثابة ولهذا

قال صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم إن الرسالة والنبوة قد انقطعت‏

وما انقطعت إلا من وجه خاص انقطع منها مسمى النبي والرسول ولذلك‏

قال فلا رسول بعدي ولا نبي‏

ثم أبقى منها المبشرات وأبقى منها حكم المجتهدين وأزال عنهم الاسم أبقى الحكم وأمر من لا علم له بالحكم الإلهي أن يسأل أهل الذكر فيفتونه بما أداه إليه اجتهادهم وإن اختلفوا كما اختلفت الشرائع لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهاجاً وكذلك لكل مجتهد جعل له شرعة من دليله ومنهاجا وهو عين دليله في إثبات الحكم ويحرم عليه العدول عنه وقرر

الشرع الإلهي ذلك كله فحرم الشافعي عين ما أحله الحنفي وأجاز أبو حنيفة عين ما منعه أحمد بن حنبل فأجاز هذا ما لم يجز هذا فاتفقوا في أشياء واختلفوا في أشياء وكل في هذه الأمة شرع مقرر لنا من عند الله مع علمنا إن مرتبتهم دون مرتبة الرسل الموحى إليهم من عند الله‏

[النبوة من حيث عينها وحكمها ما نسخت وإنما انقطع الوحى الخاص بالرسول والنبي‏]

فالنبوة والرسالة من حيث عينها وحكمها ما نسخت وإنما انقطع الوحي الخاص بالرسول والنبي من نزول الملك على أذنه وقلبه وتحجير لفظ اسم النبي والرسول فلا يقال في المجتهد إنه نبي ولا رسول كما حجر الاجتهاد على الأنبياء فيما شرعه والمجتهد وإن كان يرشد الناس بما أداه إليه دليله واجتهاده فلا يطلق عليه هذا الاسم فهو لفظ خاص بالأنبياء والرسل ما هو لله ولا للأولياء بل هو اسم خاص للعبودية التي هي عين القرب من السيد وعدم مزاحمة السيد في رتبته بخلاف الولاية فإن العبد مزاحم له في اسم الولي تعالى ولهذا شق على المستخلصين من العبيد انقطاع اسم النبي واسم الرسول لما كان من خصائصها ولم يكن له في الأسماء الإلهية عين‏

[الواقعة التي رأى فيها ابن عربى الباب السهل المرتقى إليه الصعب النزول عنه‏]

وإذا كانت النبوة نعتا إلهيا في أحكامها ومنها أوجب الحق على نفسه ما أوجب لأن الوجوب للشرع ما هو لغير الشرع فقال كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى‏ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ هذا من حكم الشرع فاعلم ذلك وتثبت في معرفة ما ذكرناه فإنه سهل المرتقى صعب النزول عنه هكذا رأيته في الواقعة ليلة أردت أن أقيد هذا الباب فما تكلمنا في هذا الباب بما تكلمنا به إلا بما شاهدناه في الواقعة ورأينا فيها باب اسم الرسول والنبي مغلقا على يميني والمعراج بإدراجه منه إلى الطريق الشارع الذي يمشي الناس عليه وأنا عند الباب واقف وليس فوق ذلك المقام الذي أوقفني الحق فيه مقام لأحد إلا ما في داخل ذلك المغلق الموثق الغلق ومع غلقه ما ينحجب عني ما وراءه إلا أنه لا قدم لأحد فيه إلا الكشف ولقد طلع إلى شخص فلما وصل بسهولة ورآه توعر عليه النزول وحار ولم يقدر على الثبات فيه فتركني وسلك الطريق الذي عليه جئت أنا إلى ذلك الموضع وراح وتركني راجعا واستيقظت على هذه الحالة فقيدت ما أودعته في هذا الباب‏

[المبشرات من بقايا النبوة التعريفية]

ورأيت في هذه الليلة رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وهو يكره إدخال الجنازة في المسجد ويكره أيضا أن يستر الميت من الذكران بثوب زائد على كفنه وأمر أن يسلب عنه ويترك على نعشه في كفنه وأن لا يستر في تابوت أصلا وأمرني إذا كان البردان أسخن الماء للغسل من الجنابة ولا أصبح على جنابة ورأيته يشكر على الجماع ويستحسن ذلك من فاعله هذا كله رأيته في هذه الليلة ورأيت أحمد بن حنبل في هذه الليلة وذكرت له أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أمرني أن أسخن الماء للغسل من الجنابة فقال لي هكذا ذكر البخاري أنه رأى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في النوم فأمره بذلك ورأى الفربري البخاري في النوم فأمره بذلك ورآني الفربري في النوم وعلمت أنه رآني في النوم ورأيته أنا في نومه فذكر لي أن البخاري ذكر له هذا فعلمته أنا من قول الفربري وثبت عندي وها أنا في النوم قد قلته لك فاعمل به واستيقظت فأمرت أهلي أن يسخنوا لي ماء واغتسلت مع الفجر وهذه كلها من المبشرات‏

[النبوة المهموزة والنبوة التي هي غير مهموزة]

وأما النبوة التي هي غير مهموزة فهي الرفعة ولم يطلق على الله منها اسم ولها في الإله اسم رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ من أَمْرِهِ عَلى‏ من يَشاءُ من عِبادِهِ ولها أيضا الاسم العلي والأعلى وهي النبوة المهموزة وهي مولدة عن النبوة التي هي الرفعة فالقصر الأصل والمد زيادة أ لا ترى العرب في ضرورة الشعر تجوز قصر الممدود لأنه رجوع إلى الأصل ولا تجوز مد المقصور لأنه خروج عن الأصل والروح بينه تعالى وبين من شاء من عباده بالبشارة والنذارة وللأولياء في هذه النبوة مشرب عظيم كما ذكرنا ولا سيما والنبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم قد قال فيمن حفظ القرآن إن النبوة قد أدرجت بين جنبيه‏

فإنها له غيب وهي للنبي شهادة

[الوراثة والولاية والنبوة وعلم علماء الرسوم‏]

فهذا هو الفرقان بين النبي والولي في النبوة فيقال فيه نبي ويقال في الولي وارث والوراثة نعت إلهي فإنه قال عن نفسه إنه خَيْرُ الْوارِثِينَ فالولي لا يأخذ النبوة من النبي إلا بعد أن يرثها الحق منهم ثم يلقيها إلى الولي ليكون ذلك أتم في حقه حتى ينتسب في ذلك إلى الله لا إلى غيره وبعض الأولياء يأخذونها وراثة عن النبي وهم الصحابة الذين شاهدوه أو من رآه في النوم ثم علماء الرسوم يأخذونها خلفا عن سلف إلى يوم القيامة فيبعد النسب وأما الأولياء فيأخذونها عن الله تعالى من كونه ورثها وجاد بها على هؤلاء فهم أتباع الرسل بمثل هذا السند العالي المحفوظ الذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ من بَيْنِ يَدَيْهِ ولا من خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ من حَكِيمٍ حَمِيدٍ

[أخذ العلم ميتا عن ميت وأخذ العلم عن الحي الذي لا يموت‏]

قال أبو يزيد أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في مثل هذا المقام لما ذكر الأنبياء



Please note that some contents are translated from Arabic Semi-Automatically!