ثم أمره أن يقول لهم فقال يا محمد ﴿قُلْ لاٰ تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلاٰمَكُمْ بَلِ اللّٰهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدٰاكُمْ لِلْإِيمٰانِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ﴾ [الحجرات:17] فتلك المنة الواقعة منهم إنما هي على اللّٰه لا على رسوله ﷺ فإنهم ما انقادوا إلا إلى اللّٰه لأن الرسول ما دعاهم إلى نفسه و إنما دعاهم إلى اللّٰه فقوله لهم ﴿إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ﴾ [البقرة:23] يعني في إيمانكم بما جئت به فإنه مما جئت به إن الهداية بيد اللّٰه ﴿يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِهِ﴾ [الأنعام:88] لا بيد المخلوق ثم إن النبي ﷺ أبان عما ذكرناه من أن لهم رائحة في الامتنان أما و اللّٰه لو شئتم أن تقولوا لقلتم و ذكر نصرة الأنصار و كونهم أووه حين طرده قومه و أطاعوه حين عصوه قومه فأشبهوا فيما كان منهم بما قرره رسول اللّٰه ﷺ من ذلك قوله تعالى لنبيه ﴿أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوىٰ وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدىٰ وَ وَجَدَكَ عٰائِلاً فَأَغْنىٰ﴾ و لما كانت النعم محبوبة لذاتها و كان الغالب حب المنعم حتى قالت طائفة إن شكر المنعم واجب عقلا جعل اللّٰه التحدث بالنعم شكرا فإذا سمع المحتاج ذكر المنعم مال إليه بالطبع و أحبه فأمره أن يتحدث بنعم اللّٰه عليه فقال ﴿وَ أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى:11]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية