«قال في الحج خذوا عني مناسككم» و إذا حججت فإن قدرت على الهدى فأدخل به محرما بالحج أو العمرة و إن حجت مرة أخرى فأدخل أيضا إن قدرت على الهدى محرما بالحج و إن لم تجد هديا فاحذر أن تدخل محرما بالحج لكن ادخل متمتعا بعمرة مفردة فإذا طفت و سعيت فحل من إحرامك الحل كله ثم بعد ذلك أحرم بالحج و أنسك نسيكة كما أمرت و اعزم على أن لا تخل بشيء من أفعاله و ما ظهر من أحواله مما أبيح لك من ذلك و التزم آدابه كلها جهد الاستطاعة لا تترك شيئا من ذلك إذا ورد مما أنت مستطيع عليه فإن اللّٰه ما كلفك إلا وسعك فابذله و لا تترك منه شيئا فإن النتيجة لذلك عظيمة لا يقدر قدرها و هي محبة اللّٰه إياك و قد علمت حكم الحب في المحب و أما الوارث المعنوي فما يتعلق بباطن الأحوال من تطهير النفس من مذام الأخلاق و تحليتها بمكارم الأخلاق و ما كان عليه صلى اللّٰه عليه و سلم من ذكر ربه على كل أحيانه و ليس إلا الحضور و المراقبة لآثاره سبحانه في قلبك و في العالم فلا يقع في عينك و لا يحصل في سمعك و لا يتعلق بشيء قوة من قواك إلا و لك في ذلك نظر و اعتبار إلهي تعلم موقع الحكمة الإلهية في ذلك فهكذا كان حال رسول اللّٰه ﷺ فيما روت عنه عائشة و كذلك إن كنت من أهل الاجتهاد في الاستنباط للاحكام الشرعية فأنت وارث نبوة شرعية فإنه تعالى قد شرع لك في تقرير ما أدى إليه اجتهادك و دليك من الحكم أن تشرعه لنفسك و تفتي به غيرك إذا سألت و إن لم تسأل فلا فإن ذلك أيضا من الشرع الذي أذن اللّٰه لك فيه ما هو من الشرع الذي لم يأذن به اللّٰه
[أن الاجتهاد ما هو في أن تحدث حكما]
و اعلم أن الاجتهاد ما هو في أن تحدث حكما هذا غلط و إنما الاجتهاد المشروع في طلب الدليل من كتاب أو سنة و إجماع و فهم عربي على إثبات حكم في تلك المسألة بذلك الدليل الذي اجتهدت في تحصيله و العلم به في زعمك هذا هو الاجتهاد فإن اللّٰه تعالى و رسوله ما ترك شيئا إلا و قد نص عليه و لم يتركه مهملا فإن اللّٰه تعالى يقول ﴿اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة:3]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية