فأراد أن يضيف ما كان في المسألة من العيب في نظر موسى عليه السّلام حيث جعله نكرا من المنكر و جعله نفسا زاكية قتلت ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ [المائدة:32] قال ﴿فَأَرَدْنٰا أَنْ يُبْدِلَهُمٰا رَبُّهُمٰا﴾ [الكهف:81] فأتى بنون الجمع فإن في قتله أمرين أمر يؤدي إلى الخير و أمر إلى غير ذلك في نظر موسى و في مستقر العادة فما كان من خير في هذا الفعل فهو لله من حيث ضمير النون و ما كان فيه من نكر في ظاهر الأمر و في نظر موسى عليه السلام في ذلك الوقت كان للخضر من حيث ضمير النون فنون الجمع لها وجهان لما فيها من الجمع وجه إلى الخير به أضاف الأمر إلى اللّٰه و وجه إلى العيب به أضاف العيب إلى نفسه و جاء بهذه المسألة و الواقعة في الوسط لا في الطرف بين السفينة و الجدار ليكون ما فيها من عيب من جهة السفينة و ما فيها من خير من جهة الجدار فلو كانت مسألة الغلام في الطرف ابتداء أو انتهاء لم تعط الحكمة أن يكون كل وجه مخلصا من غير أن يشوبه شيء من الخير أو ضده فلو كان أولا و كانت السفينة وسط لم يصل ما في مسألة الغلام من الخير الذي له و لأبويه حتى يمر على حضرة مصيبة ظاهرا و هي السفينة و حينئذ يتصل بالخير الذي في الجدار و لو كان الجدار وسطا و تأخر حديث الغلام لم يصل عيب السفينة إلى الاتصال بعيب الغلام حتى يمر بخير ما في الجدار فيمر بغير المناسب و من شأن الحضرات أن تقلب أعيان الأشياء أعني صفاتها إذا مرت بها فكانت مسألة الغلام وسطا فيلي وجه العيب جهة السفينة و يلي جهة الخير جهة الجدار و استقامت الحكمة فإن قلت فلم جمع بين اللّٰه و بين نفسه في ضمير النون أعني نون فأردنا و «قال صلى اللّٰه عليه و سلم لما سمع بعض الخطباء و قد جمع بين اللّٰه تعالى و رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في ضمير واحد في قوله و من يعصهما بئس الخطيب أنت»
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية