﴿وَ لاٰ يَزٰالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود:118] لأنهم خالفوا أولئك و خالفهم أولئك فما أعطانا الاستثناء إلا ما ذكرناه فكان سبحانه أول مسألة خلاف ظهر في العالم لأن كل موجود في العالم أول ما ينظر في سبب وجوده لأنه يعلم في نفسه أنه لم يكن ثم كان بحدوثه لنفسه و اختلفت فطرهم في ذلك فاختلفوا في السبب الموجب لظهورهم ما هو فلذلك كان الحق أول مسألة خلاف في العالم و لما كان أصل الخلاف في العالم في المعتقدات و كان السبب أيضا وجود كل شيء من العالم على مزاج لا يكون للشيء الآخر لهذا كان مال الجميع إلى الرحمة لأنه خلقهم و أظهرهم في العماء و هو نفس الرحمن فهم كالحروف في نفس المتكلم في المخارج و هي مختلفة كذلك اختلف العالم في المزاج و الاعتقاد مع أحديته أنه عالم محدث أ لا تراه قد تسمى بالمدبر المفصل فقال عز و جل ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيٰاتِ﴾ [الرعد:2] و كل ما ذكرناه آنفا هو تفصيل الآيات فيه و فينا و دلالة عليه و علينا و كذلك نحن أدلة عليه و علينا فإن أعظم الدلالات و أوضحها دلالة الشيء على نفسه و التدبر من اللّٰه عين التفكر في المفكرين منافيا لتدبر تميز العالم بعضه من بعض و من اللّٰه و بالتفكر عرف العالم ذلك و دليله الذي فكر فيه هو عين ما شاهده من نفسه و من غيره ﴿سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ﴾ [فصلت:53] أن ذلك المرئي هو الحق
إن التدبر مثل الفكر في الحدث *** و في المهيمن تدبير بلا نظر
فأخلص الفكر إن الفكر مهلكة *** به يفرق بين اللّٰه و البشر
فتحقق ما أوردناه في هذا الباب و ما أبان الحق في هذا المنزل من علم الرؤية تنتفع بذلك في الدنيا إن كنت من أهل الشهود و الجمع و الوجود و في الآخرة و تنظيم في سلك من استثنى اللّٰه كقوله ﴿إِلاّٰ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ﴾ [هود:119] فإن فهم العامة فيه خلاف فهم خاصة اللّٰه و أهله و هم أهل الذكر لأنهم فهموه على مراد اللّٰه فيه أعطاهم ذلك الأهلية فثم عين تجمع و عين تفرق في عين واحدة سواء ذلك في جانب الحق أو جانب الخلق
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية