فإذا انتهت رجعته إليه عاد الأمر إلى البدء و المبدأ و المبدئ و المبدأ رحمة وسعت كل شيء و المبدئ وسع ﴿كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً﴾ [غافر:7] فعرف الأمر في عوده في الرحمة فيأمن من تسرمد العذاب على خلق اللّٰه أين أنت من هذا الشهود لو لا سبق الرحمة الشاملة العامة الامتنانية لتسرمد العذاب على من ينفي رحمة اللّٰه من هذه السعة التي ذكر اللّٰه فيها و لكن سبق الرحمة جعله أن يبدو له من اللّٰه من الرحمة به مع هذا الاعتقاد ما لم يكن يحتسبه فما آخذه اللّٰه بجهله لأنه صاحب شبهة في فهمه فعين بصيرته مطموس و عقله في قيد الجهالة محبوس و ما في الحيوان من جرى في مسكنه و عمارة بيته و إقامة صورته على شكل العالم مثل النحل فسدست صور بيوتها حتى لا يبقى خلاء كما سد الشكل الكري الخلأ فلم يبق خلاء و عمرت بيتها بالعسل الذي هو ملذوذ نظير الرحمة الإلهية التي عمت الوجود و غمرته و ما عمرته بذلك في حق غيرها و إنما عمرته في حق نفسها و كذا صدر العالم على هذه الصورة فما من شيء من العالم إلا و هو ﴿يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء:44] فلنفسه أوجده لأنه ما شغله إلا به و قال فيمن جعل فيه استعدادا يمكن أن يسعى به لنفسه و لغير اللّٰه فنبه أنه ما خلقهم إلا لعبادته فقال ﴿وَ مٰا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّٰ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:56]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية