فلهذا يتأسف على من حرمه اللّٰه هذا الشهود و يتأوه لحبه في محبوبه من أجل ما يراه من عمى الخلق عنه و من شأن المحب الشفقة على المحبوب لأن الحب يعطي ذلك
منصة و مجلى نعت المحب بأنه يستريح إلى كلام محبوبه و ذكره بتلاوة ذكره
قال تعالى ﴿إِنّٰا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ﴾ [الحجر:9] فسمى كلامه ذكرا فاعلم إن أصل وجود الكون لم يكن عن صفة إلهية إلا عن صفة الكلام خاصة فإن الكون لم يعلم منه إلا كلامه و هو الذي سمع فالتذ في سماعه فلم يتمكن له إلا أن يكون و لهذا السماع مجبول على الحركة و الاضطراب و النقلة في السامعين لأن السامع عند ما سمع قول كن انتقل و تحرك من حال العدم إلى حال الوجود فتكون فمن هنا أصل حركة أهل السماع و هم أصحاب وجد و لا يلزم فيمن فإن الوجد لذاته يقتضي ما يقتضي و إنما المحبوب يختلف فالحب و الوجد و الشوق و جميع نعوت الحب وصف للحب كان المحبوب ما كان إلا أني اختصصت في هذا الكتاب الحب المتعلق بالله الذي هو المحبوب على الحقيقة و إن كان غير مشعور به في مواطن عند قوم و مشعورا به عند قوم و هم العارفون فما أحبوا إلا اللّٰه مع كونهم يحبون أرواحهم و أهليهم و أصحابهم فاعلم ذلك حتى إن بعض الصالحين حكى لنا عنه أنه قال إن قيسا المجنون كان من المحبين لله و جعل حجابه ليلى و كان من المولهين و أخذت صدق هذا القول من حكايته التي قال فيها لليلى إليك عني فإن حبك شغلني عنك و ما قربها و لا أدناها و من شأن الحب أن يطلب المحب الاتصال بالمحبوب و هذا الفعل نقيض المحبة و من شأن المحب أن يغشى عليه عند فجأة ورود المحبوب عليه و يدهش و هذا يقول لها إليك عني و ما دهش و لا فنى فتحقق عندي بهذا الفعل صدق ما قاله هذا العارف في حق قيس المجنون و ليس ببعيد فلله ضنائن من عباده فمن هناك استراح المحبون إلى كلام المحبوب و ذكره و القرآن كلامه و هو ذكر فلا يؤثرون شيئا على تلاوته لأنهم ينوبون فيه عنه فكأنه المتكلم كما قال
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية