﴿وَ قَضىٰ رَبُّكَ أَلاّٰ تَعْبُدُوا إِلاّٰ إِيّٰاهُ﴾ [الإسراء:23] و كذلك الحب ما أحب أحد غير خالقه و لكن احتجب عنه تعالى بحب زينب و سعاد و هند و ليلى و الدنيا و الدرهم و الجاه و كل محبوب في العالم فأفنت الشعراء كلامها في الموجودات و هم لا يعلمون و العارفون لم يسمعوا شعرا و لا لغزا و لا مديحا و لا تغزلا إلا فيه من خلف حجاب الصور و سبب ذلك الغيرة الإلهية أن يحب سواه فإن الحب سببه الجمال و هو له لأن الجمال محبوب لذاته «و اللّٰه جميل يحب الجمال» فيحب نفسه و سببه الآخر الإحسان و ما ثم إحسان إلا من اللّٰه و لا محسن إلا اللّٰه فإن أحببت للإحسان فما أحببت إلا اللّٰه فإنه المحسن و إن أحببت للجمال فما أحببت إلا اللّٰه تعالى فإنه الجميل فعلى كل وجه ما متعلق المحبة إلا اللّٰه و لما علم الحق نفسه فعلم العالم من نفسه فأخرجه علم صورته فكان له مرآة يرى صورته فيه فما أحب سوى نفسه فقوله ﴿يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ﴾ [آل عمران:31] على الحقيقة نفسه أحب إذ الاتباع سبب الحب و اتباعه صورته في مرآة العالم سبب الحب لأنه لا يرى سوى نفسه و سبب الحب النوافل و هي الزيادات و صورة العالم زيادة في الوجود فأحب العالم نافلة فكان سمعه و بصره حتى لا يحب سوى نفسه و ما أغمضها من مسألة و ما أسرع تفلتها من الوهم فإنه اتفق في الوجود أمر غريب و ذلك أن ثم أمورا يتحقق بها العقل و يثبت عليها و لا يتزلزل و تتفلت من الوهم و لا يقدر يبقى على ضبطها مثل هذه المسألة يثبتها العقل و لا يقدر يزول عنها و تتفلت من الوهم و لا يقدر على ضبطها و ثم أمور أخر بالعكس تتفلت من العقل و تثبت في الوهم و يحكم عليها و يؤثر فيها كمن يعطيه العقل بدليله أن رزقه لا بد أن يأتيه سعى إليه أو لم يسع فيتفلت هذا العلم عن العقل و يحكم عليه الوهم بسلطانه إنك إن لم تسع في طلبه تموت فيغلب عليه فيقوم يتعمل في تحصيله فحقه من جهة عقله زائل و باطله من جهة وهمه ثابت لا يتزلزل و كمن يرى حية أو أسدا على صورة لا يتمكن فيما يغطيه العقل أن يصل ضرره إليه فيغيب عن ذلك الدليل و يتوهم ضرره فينفر منه و يتغير وجهه و باطنه بحكم الوهم و سلطانه و هذا موجود فللوهم سلطان في مواطن و للعقل سلطان في مواطن فلنذكر في هذا الباب إن شاء اللّٰه من لوازم الحب و مقاماته ما تيسر
[إن الحب تعلق خاص من تعلقات الإرادة]
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية