و قال ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلّٰى عَنْ ذِكْرِنٰا﴾ [ النجم:29] و قد علمت هذه الطبقة أنه ما ثم إلا اللّٰه فأعرضوا بأمره عن فعله فكانوا أدباء زمانهم و لم يعرضوا بأنفسهم إذ المؤمن لا نفس له ف ﴿إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ﴾ [التوبة:111] فمن ادعى الايمان و زعم أن له نفسا يملكها فليس بمؤمن فقال الحق لمن هذه صفته فأعرض بها يعني بالنفس التي اشتريتها منك أعرض بها عن من تولى عن ذكرنا ممن لم نشتر منه نفسه لكونه غير مؤمن فقوله ﴿اَلَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون:3] أي عن الذي أسقطه اللّٰه عن أن يعتبر معرضون لكون الحق أسقط يقال لما لا يعتد به في الدية من أولاد الإبل لغو أي ساقط و منه لغو اليمين لإسقاط الكفارة و المؤاخذة بها فأثنى اللّٰه عليهم بالإعراض و إن تحققوا أنه ما ثم إلا اللّٰه
[الأولياء الكرماء]
و من الأولياء أيضا الكرماء من رجال و نساء رضي اللّٰه عنهم تولاهم اللّٰه بكرم النفوس فقال تعالى ﴿وَ إِذٰا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرٰاماً﴾ [الفرقان:72] أي لم ينظروا لما أسقط اللّٰه النظر إليه فلم يتدنسوا بشيء منه فمروا به غير ملتفين إليه كراما فما أثر فيهم فإنه مقام تستحليه النفوس و تقبل عليه للمخالفة التي جبلها اللّٰه عليها و هذه هي النفوس الآبية أي تأبى الرذائل فهي نفوس الكرام من عباد اللّٰه و التحق بهذه الصفة بالملإ الأعلى الذين قال اللّٰه فيهم إن صحفه ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرٰامٍ بَرَرَةٍ﴾
هذه نسخة نصية حديثة موزعة بشكل تقريبي وفق ترتيب صفحات مخطوطة قونية