الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


[ذكر الله على كل حال‏]

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

[ذكر الله على كل حال‏]

وعليك بذكر الله بين الغافلين عن الله بحيث لا يعلمون بك فتلك خلوة العارف بربه وهو كالمصلي بين النائمين وإياك ومنع فضل الماء من ذي الحاجة إليه واحذر من المن في العطاء فإن المن في العطاء يؤذن بجهل المعطي من وجوه منها رؤيته نفسه بأنه رب النعمة التي أعطى والنعمة إنما هي لله خلقا وإيجاد أو الثاني نسيانه منة الله عليه فيما أعطاه وملكه من نعمه وأحوج هذا الآخر لما في يده والثالث نسيانه أن الصدقة التي أعطاها إنما تقع بيد الرحمن والآخر ما يعود عليه من الخير في ذلك فلنفسه أحسن ولنفسه سعى فكيف له بالمنة على ذلك الآخر إنه ما أوصل إليه إلا ما هو له إذ لو كان رزقه ما أوصله إليه فهو مؤد أمانة من حيث لا يشعر فجهله بهذه الأمور كلها جعله يمتن بالعطاء على من أوصل إليه راحة وأبطل عمله فإن الله يقول لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ والْأَذى‏

وقال الله يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وإياك أن تتقدم قوما في الصلاة إماما وهم يكرهون تقدمك عليهم في صلاة وفي غيرها غير إن هنا دقيقة وهي أن تنظر ما يكرهون منك فإن كرهوا منك ما كره الشرع منك فهو ذاك وإن كرهوا منك ما أحبه الشرع منك فلا تبال بكراهتهم فإنهم إذا كرهوا ما أحب الشرع فليسوا بمؤمنين وإذا لم يكونوا مؤمنين فلا مراعاة لهم ولتتقدم شاءوا أم أبوا فمن ذلك الصلاة إذا كنت أقرأ القوم فأنت أحق بالإمامة بهم أو ذا سلطان فإن الله قدمك عليهم ومع هذا فينبغي للناصح نفسه أن لا يتصف بصفة يكره منها تقدمه في أمر ديني وليسع في إزالة تلك الصفة عن نفسه ما استطاع وحافظ على الصلاة لأول ميقاتها ولا تؤخرها حتى يخرج وقتها وإياك أن تتعبد حرا وتسترقه بشبهة ولا ترى أن لك فضلا على أحد فإن الفضل لله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وتعبد الحر على نوعين إما أن تأخذ من هو حر الأصل فتبيعه وإما أن تعتق عبد أو لا تمكنه من نفسه وتتصرف فيه تصرف السيد لعبده وليس لك ذلك إلا بإذنه أو إجازته فإني رأيت كثيرا من الناس من يعتق المملوك ولا يمكنه من كتاب عتقه ويستعبده مع حريته والسيد إذا أعتق عبده ما له عليه حكم إلا الولاء فإذا أعتقت عبدا فلا تستخدمه إلا كما تستخدم الحر إما برضاه وإما بالإجازة كالحر سواء فإنه حر

ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم الوعيد الشديد فيمن تعبد محرره وفيمن اعتبد حرا وفيمن باع حرا فأكل ثمنه‏

والذي أوصيك به إذا استأجرت أجيرا واستوفيت منه فأعطه حقه ولا تؤخره‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!