الفتوحات المكية

وصايا الشيخ الأكبر

وهو الباب 560 الذي ختم به الشيخ محي الدين موسوعة الفتوحات المكية بمجموعة وصايا جامعة

وهو يمثل السفرين السادس والثلاثين والسابع والثلاثين وفق مخطوطة قونية


(وصية) في موعظة

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

(وصية) في موعظة

(وصية) في موعظة

دخل محمد بن واسع على بلال ابن أبي بردة في يوم حار وبلال في جيشة وعنده الثلج فقال بلال يا أبا عبد الله كيف ترى بيتنا هذا قال إن بيتك لطيب والجنة أطيب منه وذكر النار يلهي عنه قال ما تقول في القدر قال جيرانك أهل القبور ففكر فيهم فإن فيهم شغلا عن القدر قال ادع لي قال وما تصنع بدعائي وعلى بابك كذا وكذا كل يقول إنك ظلمته يرتفع دعاؤهم قبل دعائي لا تظلم ولا تحتاج إلى دعائي ومن كلام الحسن البصري ما لي أرى رجالا ولا أرى عقولا أرى أناسا ولا أرى أنيسا دخلوا ثم خرجوا عرفوا ثم أنكروا ومن كلامه أيضا رضي الله عنه عجبا لقوم أمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل وحبس أولاهم على أخراهم وهم قعود يلعبون يا ابن آدم السكين تحد والتنور يسجر والكبش يعلف كفى بالتجارب تأديبا وبتقلب الأيام عظة وبذكر الموت زاجرا عن المعصية ذهبت الدنيا بحال وبالها وبقيت الأيام قلائد في الأعناق إنكم تسوقون الناس والناس تسوقكم وقد أسرع بخياركم فما ذا تنتظرون أ تنتظرون المعاينة فكان قد ومن كلام عمر بن عبد العزيز أن لكل سفر زادا لا محالة فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة التقوى وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه وعقابه وترغبوا وترهبوا ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم فو الله ما يبسط أملا من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ولا يمسي بعد صباحه وربما كانت بين ذاك خطفات المنايا فكم رأيتم ورأينا من كان بالدنيا مغترا وإنما تقر عين من وثق بالنجاة من عذاب الله وإنما يفرح من آمن من الأهوال يوم القيامة فأما من لا يداوي كلما إلا أصابه جرح من ناحية أخرى نعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي لقد عنيتم بأمر لو عنت به النجوم لا نكدرت ولو عنيت به الجبال لذابت ولو عنيت به الأرض لتشققت أ ما تعلمون أنه ليس بين الجنة والنار منزلة وإنكم صائرون إلى إحداهما ومن وصاياه في مواعظه رضي الله عنه إن الله عز وجل لم يخلقكم عبثا ولم يدع شيئا من أموركم سدى إن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم والقضاء بينكم فخاب وخسر من خرج من رحمة الله‏

عز وجل وحرم الجنة التي عَرْضُهَا السَّماواتُ والْأَرْضُ فاشترى قليلا بكثير وفانيا بباق وخوفا بأمن أ لا تروا إنكم في أصلاب الهالكين وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين في كل يوم وليلة تشيعون غاديا ورائحا إلى الله تعالى قد قضى نحبه وانقضى أجله حتى تقبره في صدع من الأرض في بطن صدع ثم تدعوه غير ممهد ولا موسد قد خلع الأسباب وفارق الأحباب وسكن التراب وواجه الحساب مرتهنا بعمله فقيرا إلى ما قدم غنيا عما ترك فاتقوا الله قبل نزول الموت وايم الله أني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب ما أعلم عندي وما يبلغني عن أحد منكم حاجة إلا أحببت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه وما يبلغني أن أحدا منكم لا يسعه ما عندي إلا وددت أنه يمكنني تغييره حتى يستوي عيشنا وعيشه وايم الله لو أردت غير ذلك من الغضارة والعيش لكان اللسان مني به ذلولا عالما بأسبابه ولكن سبق من الله كتاب ناطق وسنة عادلة دل فيها على طاعته ونهى فيها عن معصيته ثم وضع طرف ردائه على وجهه وشهق وبكى الناس‏

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!