اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[ينبغي للعاقل أن لا يأمن مكر الله في إنعامه]
فينبغي للعاقل أن لا يأمن مكر الله في إنعامه فإن المكر فيه أخفى منه في البلاء وأدنى المكر فيه إن يرى نفسه مستحقا لتلك النعمة وأنها من أجله خلقت فإن الله ليس بمحتاج إليها فهي لي بحكم الاستحقاق هذا أدنى المكر الذي تعطيه المعرفة ويسمى صاحبه عارفا في العامة وهو في العارفين جاهل إذ قد بينا فيما قبل إن الأشياء إنما خلقت له تعالى لتسبح بحمده وكان انتفاعنا بها بحكم التبعية لا بالقصد الأول ففطر العالم كله على تسبيحه بحمده وعبادته ودعا الثقلين إلى ذلك وعرف أن لذلك خلقهم لا لأنفسهم ولا لشيء من المخلوقات مع ما في الوجود من وقوع الانتفاع بها بعضها من بعض وقال تعالى في الحديث الغريب الصحيح من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه بريء وهو للذي أشرك
فطلب من عباده إخلاص العمل له فمنهم من أخلصه له جملة واحدة فما أشرك في العمل بحكم القصد فما قصد به إلا الله ولا أشرك في العمل نفسه بأنه الذي عمل بل عمله خلق لله فالأول عموم والثاني خصوص وهو غاية الإخلاص ولا يصح إخلاص إلا مع عمل أعني في عمل فإنه لا بد من شيء يكون مستخلصا