اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[مراتب الناس في قبول الواردات الإلهية]
فاعلم إن الناس في هذا المقام على إحدى ثلاث مراتب منهم من يكون وارده أعظم من القوة التي يكون في نفسه عليها فيحكم الوارد عليه فيغلب عليه الحال فيكون بحكمه يصرفه الحال ولا تدبير له في نفسه ما دام في ذلك الحال فإن استمر عليه إلى آخر عمره فذلك المسمى في هذه الطريقة بالجنون كأبي عقال المغربي ومنهم من يمسك عقله هناك ويبقى عليه عقل حيوانيته فيأكل ويشرب ويتصرف من غير تدبير ولا روية فهؤلاء يسمون عقلاء المجانين لتناولهم العيش الطبيعي كسائر الحيوانات وأما مثل أبي عقال فمجنون مأخوذ عنه بالكلية ولهذا ما أكل وما شرب من حين أخذ إلى أن مات وذلك في مدة أربع سنين بمكة فهو مجنون أي مستور مطلق عن عالم حسه ومنهم من لا يدوم له حكم ذلك الوارد فيزول عنه الحال فيرجع إلى الناس بعقله فيدبر أمره ويعقل ما يقول ويقال له ويتصرف عن تدبير وروية مثل كل إنسان وذلك هو النبي وأصحاب الأحوال من الأولياء ومنهم من يكون وارده وتجليه مساويا لقوته فلا يرى عليه أثر من ذلك حاكم لكن يشعر عند ما يبصران ثم أمرا ما طرأ عليه