اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[ان الحضرة الحكم مماثلة لحضرة العلم]
اعلم أن حقيقة هذه الحضرة من أعجب ما يكون من المعلومات فإنها مماثلة لحضرة العلم وذلك أنها عين المحكوم به الذي هو ما هو المحكوم عليه أو له فالحكم ما أعطى أمرا من عنده لمن حكم له أو عليه إذا كان عدلا مقسطا وأما إذا كان جائرا قاسطا وإن كان حكما فما هو من هذه الحضرة وهو منها بالاشتراك اللفظي وإمضاء ما حكم به وأما قول الله مخبرا وآمرا قالَ وقل كلاهما رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ هو الحكم الذي لا يكون حقا إلا بك ومتى لم يكن الحكم بالمحكوم له أو عليه فليس حقا فالمخلوق أو المحكوم عليه جعل الحاكم حكما كما إن المعلوم جعل العالم عالما أو ذا علم لأنه تبع له وليس القادر كذلك ولا المريد فإن الأثر للقادر في المقدور ولا أثر للعلم في المعلوم ولا للحكم في المحكوم عليه والحكم أخو العليم فإنه حاكم على كل معلوم بما هو ذلك المعلوم عليه في ذاته وقوله في جزاء الصيد يَحْكُمُ به ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ فيه رائحة إن الجائر في الحكم يسمى حكما شرعا إلا إن الحاكم لما شرع له أن يحكم بغلبة ظنه وليس علما فقد يصادف الحق في الحكم وقد لا يصادف وليس بمذموم شرعا ويسمى حكما وإن لم يصادف الحق ويمضي حكمه عند الله وفي المحكوم عليه