اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية (... اقتباسات أخرى)
[إن المؤمن يندم على ارتكاب معصية]
فاعلم إن هنا نكتة أنبهك عليها وذلك أنه من المحال أن يأتي مؤمن بمعصية توعد الله عليها فيفزع منها إلا ويجد في نفسه الندم على ما وقع منه وقد قال صلى الله عليه وسلم الندم توبة
وقد قام به الندم فهو تائب فسقط حكم الوعيد لحصول الندم فإنه لا بد للمؤمن أن يكره المخالفة ولا يرضى بها وهو في حال عمله إياها فهو من كونه كارها لها مؤمن بأنها معصية ذو عمل صالح وهو من كونه فاعلا لها ذو عمل سيئ فغايته إن يكون من الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً فقال تعالى عقيب هذا القول عَسَى الله أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ وعسى من الله واجبة ورجوعه عليهم إنما هو بالمغفرة ويرزقهم الندم عليها والندم توبة فإذا ندموا حصلت توبة الله عليه فهو ذو عمل صالح من ثلاثة أوجه الايمان بكونها معصية وكراهته لوقوعها منه والندم عليها وهو ذو عمل سيئ من وجه واحد وهو ارتكابه إياها ومع هذا الندم فإن الرهبة تحكم عليه سواء كان عالما بما قلناه أو غير عالم فإنه يخاف وقوع مكروه آخر منه ولو مات على تلك التوبة فإن الرهبة لا تفارقه وينتقل تعلقها من نفوذ الوعيد إلى العتاب الإلهي والتقرير عند السؤال على ما وقع منه فلا يزال مستشعرا