الرسالة القشيرية
للشيخ عبد الكريم القشيري
1/21
وَقَالَ الجنيد: إِن أول مَا يحتاج إِلَيْهِ
العبد من عقد الحكمة معرفة المصنوع صانعه والمحدث كَيْفَ كَانَ إحداثه، فيعرف صفة
الخالق من المخلوق، وصفة القديم من المحدث، ويذل لدعوته ، ويعترف بوجوب طاعته،
فَإِن لَمْ يعرف مالكه لَمْ يعترف بالملك لمن استوجبه.
أخبرني مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن ، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الرازي ،
يَقُول: سمعت أبا الطيب المراغي ، يَقُول: للعقل دلالة، وللحكمة إشارة وللمعرفة
شهادة، فالعقل يدل، والحكمة تشير، والمعرفة تشهد أَن صفاء العبادات لا ينال إلا
بصفاء التوحيد.
وسئل الجنيد عَنِ التوحيد فَقَالَ: إفراد الموحد بتحقيق وحدانيته بكمال أحديته
أَنَّهُ الْوَاحِد الَّذِي {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3] بنفي الأضداد
والأنداد والأشباه بلا تشبيه ، ولا تكييف ، ولا تصوير ، ولا تمثيل {لَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن يَحْيَي الصوفي ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن عَلِيّ التميمي الصوفي ، يحكي عَنِ الْحُسَيْن بْن
عَلِيّ الدامغاني ، قَالَ: سئل أَبُو بَكْر الزاهر أبادي عَنِ المعرفة فَقَالَ:
المعرفة: اسم ، ومعناه وجود تعظيم فِي القلب يمنعك عَنِ التعطيل والتشبيه.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ البوشنجي رحمه اللَّه: التوحيد أَن تعلم أَنَّهُ غَيْر
مشبه للذوات ولا منفي الصفات.
أَخْبَرَنَا الشيخ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي رحمه اللَّه تعالي ، قَالَ: سمعت
مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن غالب ، قَالَ: سمعت أبا نصر أَحْمَد بْن سَعِيد
الإسفنجاني ، يَقُول: قَالَ الْحُسَيْن بْن مَنْصُور: ألزم الكل الحدث، لأن القدم
لَهُ فالذي بالجسم ظهوره فالعرض يلزمه والذي بالأداة