الفتوحات المكية

الرسالة القشيرية

للشيخ عبد الكريم القشيري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


1/173

ومن ذَلِكَ الغيبة والحضور فالغيبة غيبة القلب عَن علم مَا يجري من أحوال الخلق لاشتغال الحس بِمَا ورد عَلَيْهِ ثُمَّ قَدْ يغيب عَن إحساسه بنفسه وغيره بوارد من تذكر ثواب أَوْ تفكر عقاب كَمَا رُوِيَ أَن الرَّبِيع بْن خيثم كَانَ يذهب إِلَى ابْن مَسْعُود رضى اللَّه عَنْهُ فمر بحانوت حداد فرأى الحديدة المحماه فِي الكير فغشي عَلَيْهِ وَلَمْ يفق إِلَى الغد فلما أفاق سئل عَن ذَلِكَ فَقَالَ: تذكرت كون أهل النار فِي النار فَهَذِهِ غيبة زادت عَلَى حدها حَتَّى صارت غشية.
وروي عَن عَلِي بْن الْحُسَيْن أَنَّهُ كَانَ فِي سجوه فوقع حريق فِي داره فلم ينصرف عَن صلاته، فسئل عَن حاله فَقَالَ: ألهتني النار الكبرى عَن هذه النار وربما تكون الغيبة عَن إحساسه بمعني يكاشف بِهِ من الحق سبحانه وتعالى ثُمَّ إنهم مختلفون فِي ذَلِكَ عَلَى حسب أحوالهم، ومن المشهور أَن ابتداء حال أَبِي حفص النَّيْسَابُورِيّ الحداد فِي ترك الحرفة أَنَّهُ كَانَ عَلَى حانوته فقرأ قارئ آية من الْقُرْآن فورد عَلَى قلب أَبِي حفص وارد تغافل عَن إحساسه فأدخل يده فِي النار وأخرج الحديدة المحماه بيده فرأى تلميذ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: يا أستاذ مَا هَذَا؟ فنظر أَبُو حفص إِلَى مَا ظهر عَلَيْهِ فترك الحرفة وقام من حانوته.
وَكَانَ الجنيد قاعدا وعنده امرأته فدخل عَلَيْهِ الشلبي فأرادت امرأته أَن تستتر فَقَالَ لَهَا الجنيد: لا خبر للشبلي عَنْك فاقعدي


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!