الفتوحات المكية

الرسالة القشيرية

للشيخ عبد الكريم القشيري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


1/170

ومن ذَلِكَ الفناء والبقاء أشار الْقَوْم بالفناء إِلَى سقوط الأوصاف المذمومة وأشاروا بالبقاء إِلَى قيام الأوصاف المحمودة بِهِ، وإذا كَانَ العبد لا يخلوا عَن أحد هذين القسمين فمن المعلوم أَنَّهُ إِذَا لَمْ يكن أحد القسمين كَانَ القسم الآخر لا محالة فمن فني عَن أوصافه المذمومة ظهرت عَلَيْهِ الصفات المحمودة، ومن غلبت عَلَيْهِ الخصال المذمومة استترت عَنْهُ الصفات المحمودة.
واعلم أَن الَّذِي يتصف بِهِ العبد أفعال وأخلاق وأحوال، فالأفعال: تصرفاته باختياره والأخلاق جبلة فِيهِ ولكن تتغير بمعالجته عَلَى مستمر العادة، والأحوال: ترد عَلَى العبد عَلَى وجه الابتداء لكن صفاؤها بَعْد زكاء الأعمال فِيهِ كالأخلاق من هَذَا الوجه، لأن العبد إِذَا نازل الأخلاق بقلبه فينفي بجهده سفاسفها من اللَّه عَلَيْهِ بتحسين أخلاقه، فَكَذَلِكَ إِذَا واظب عَلَى تزكية أعماله ببذل وسعه من اللَّه عَلَيْهِ بتصفية أحواله بَل بتوفية أحواله فمن ترك مذموم أفعاله بلسان الشرعية يقال إنه فني عَن شهواته فَإِذَا فني عَن شهواته بقي بصدق إنابته، ومن عالج أخلاقه فنفى عَن قلبه الحسد والحقد والبخل والشح والغضب والكبر وأمثال هَذَا من رعونات النفس يقال فني عَن سوء الخلق، فَإِذَا فني عَن سوء الخلق بقي بالفتوة والصدق،


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!