الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


موعظة مالك بن دينار لوالي البصرة

من حديث ابن ثابت قال: حدثنا علي بن المظفر الأصفهاني، انا حبيب بن الحسين،

نب محمد بن أحمد السطوني، عن حسن بن جعفر بن سليمان الضبعي، عن أبي جعفر بن سليمان قال:

مرّ والي البصرة بمالك بن دينار يرفل، فصاح به مالك: مرّ وأقلّ من مشيتك هذه.

فهمّ خدمه به، فقال: دعوه، ثم قال له: ما أراك تعرفني؟ فقال له مالك: ومن أعرف بك مني؟ أما أوّلك نطفة مذرة، وأما آخرك فجيفة قذرة، ثم أنت بينهما حامل العذرة. فعرف الوالي صحة ما قاله وأن وضع القول موضعه، فاستحى ونكس رأسه وانصرف.

ومم قيل في باب النسيب:

يا من شكا ألما في الحبّ شبّهه في القلب بالنار من شوق وتذكار

إني أعظّم ما بي أن أشبّهه بما يقاس إلى مثل ومقدار

للحبّ نار على قلبي مضرّمة لا تبلغ النار منها عشر معشار

وقال الآخر في معناه:

يحنّ إليّ من بالعقيقين قلبه حنينا يبكّي الورق في غصن السدر

تنفست لما باح قلبي بذكره فأمسكت من خوف الحريق على صدري

ووالله لو فاضت على الصدر عبرتي لأحرق أدنى حرّها لهب الجمر

ولنا في هذا المعنى من قصيدة:

لو نفس من هواي هو على جمر لظى أحرقته أنفاسي

ولو تجارت للحبّ خيل هوى فازت به في السّبق أفراسي

وقال الصنوبري:

دخول النار للمهجور خير من الهجر الذي هن يتّقيه

لأن دخوله في النار أدنى عذابا من دخول النار فيه

وقال الآخر:

لو كان قلبي من نار لأحرقه لأن أحزانه أزكى من النار

الماء ينبع منها في محاجرها يا للرجال لماء فاض من نار

وقال الآخر:

للشوق في مضمر الأحشاء ناران وللمدامع في خدّيّ خدّان

نار تضرّم أحشائي بلوعتها ونار شوق تفيض الدمع من شان

فالقلب في حرق الأحشاء محترق فناظري غرق في ماء أجفاني

فمن رأى الماء للنيران مقترنا تمازجا وهما في الأصل ضدان


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!