الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حكمة ممن جعل حسن الصورة نعمة

روينا من حديث الأصمعي قال: قال بعضهم: التمس حوائجك من صباح الوجوه، فإنّ حسن الصورة أول نعمة تلقاك من الرجل.

روينا من حديث المالكي، عن إبراهيم الحربي، قال: نبأ داود بن رشيد قال: كان يقول: عنوان صحيفة المسلم حسن خلقه.

قال المالكي: وحدثنا عبد الرحمن بن معروف، عن داود بن مجبر قال: قال بعض الحكماء: صدرك أوسع سرّك، فإنّ سرّك من دمك. من صحّت ديانته تمت مروءته، لأن الديانة تصده عن المحارم وتحثه على المكارم. من الكرم حسن العفو عن سهو الذنوب،

وترك البحث عن سوء العيوب. الفعل نتيجة العقل، والعقل نتيجة الشرف. كن بعيد الهمم إذا طبت كريم الظفر إذا غلبت، جميل العفو إذا قدرت، كثير الشكر إذ ظهرت. إن من الشريعة أن تبجل أهل الشريعة، ومن الصنيعة أن ترب أهل الصنيعة. ل يزهدنك في رجل حمدت سيرته، وارتضيت وثيرته، وعرفت فضيلته، وبينت عقله عيب خفي يحيط به كثرة فضائله، أو ذنب صغير تستغفر له قوة وسائله، فإنك لن تجد ما بقيت مهذبا لا يكون فيه عيب، ولا يقع منه ذنب. واعتبر بنفسك بعد أن لا تراها بعين الرضا. ولا تجر فيها على حكم الهوى، فإن في اعتبارك بها واختيارك لها ما يرشدك لما تطلب. أحسن رعاية الحرمات وأقبل على أهل البيوتات، فإن رعاية الحرمة تدل على كرم الشيمة، والإقبال على ذوي المروءة يعرب عن شرف الهمة. أحسن إلى من كان له قدم في الأصل وسابقة في الفضل، ولا يزهدنك فيه سوء إدبار الدولة عنه فإنك لا تخلو في اصطناعك له وإحسانك إليه من نفس حرة تملك رقها ومكرمة توفي حقها، فإن الدني تجبر كما تكسر وتقبل كما تدبر. من زرع خيرا حصد أجرا، ومن اصطنع أجرا استفاد شكرا. من شرائط المروءة أن تتعفف عن الحرام وتتنظف من الآثام وتنصف في الحكم و تكف عن الظلم، ولا تؤثر دنيا على شريف، ولا تسن ما يعقب الوزر والإثم، ول تفعل ما يقبح الذكر والاسم.

وروين من حديث ابن ثابت قال: نبأ أبو بكر أحمد بن محمد بن جعفر الأخرم، انا أبو علي عيسى بن أحمد بن محمد الطوماري، نبأ محمد بن يونس، نبأ عبد الله بن داود التمار، نب إسماعيل بن عباس، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بلباس الصوف تعرفون به في الآخرة، وإن لباس الصوف يورث في القلب التفكر، والتفكر يورث الحكمة، والحكمة تجري في الجوف مجرى الدم. فمن كثر تفكره قل طمعه وكلّ لسانه، ومن قلّ تفكّره كثر طمعه وعظم بدنه و قسا قلبه، والقلب القاسي بعيد من الله، بعيد من الجنة، قريب من النار» .

ما روين من حديثه أيضا قال: نبأ محمد بن الحسين بن أحمد الأهوازي قال:

سمعت أب بكر الدنف الصوفي يقول:

سمعت جامع بن أحمد يقول: سمعت يحيى بن معاذ الرازي يقول: ليكن بيتك الخلوة، وطعامك الجوع، وحديثك المناجاة. فإما أن تموت بدائك، أو تصل إلى دوائك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!