الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حكاية شابّ اصطنعه الحق تعالى

روينا من حديث ابن ثابت قال: نبأ علي بن القاسم الشاهد بالبصرة قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عيسى قال: سمعت يوسف بن الحسين يقول:

كان شابّ يحضر مجلس ذي النون بن إبراهيم المصري مدة، ثم انقطع عنه زمانا ثم حضر عنده، وقد اصفرّ لونه، ونحل جسمه، وظهرت آثار العبادة والاجتهاد عليه. فقال له ذو النون: يا فتى، ما الذي أكسبك خدمة مولاك واجتهادك من المواهب التي منحك بها ووهبها لك و اختصّك بها؟ فقال الفتى: يا أستاذ، وهل رأيت عبدا اصطنعه مولاه من بين عبيده و اصطفاه وأعطاه مفاتيح الخزائن، ثم أسرّ إليه سرا، أيحسن به أن يفشي ذلك السر؟ ثم أنشأ يقول:

من سارروه فأبدى السرّ مجتهدا لم يأمنوه على الأسرار ما عاشا

وباعدوه فلم يسعد بقربهم وأبدلوه مكان الأنس إيحاش

لا يصطفون مذيعا بعض سرّهم حاشا ودادهم من ذلكم حاشا

قال: وحدثني يحيى بن علي بن عبد الله الدمغاني، عن ابن سلام، سمعت يحيى بن معاذ يقول: من عرف عاش، ومن مال إلى الدنيا طاش، والمؤمن عن عيوب نفسه فتّاش، و الأحمق يسعى في لاش.

قال: و حدثنا عبد الرحمن، عن أحمد بن مكحول قال: سئل حكيم: أي شيء أحلى؟ قال: النصرة على العدو بعد الهزيمة، والاستغناء بعد الحاجة، والعظة في المجالس، والغلبة للمتكلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!