الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وصية من شيخ ناصح لتلميذ قابل

روينا من حديث ابن ثابت قال: انا عبد الرحمن بن محمد بن فضالة النيسابوري، انا محمد بن عبد الله بن شادان قال: سمعت يوسف بن الحسين يقول: قلت لذي النون في وقت مفارقتي له من المجلس: من أجالس؟ فقال: عليك بمجالسة من يذكّرك الله رؤيته، وتقع هيبته على باطنك، ويزيد في عملك منطقه، ويزهدك في الدنيا علمه، ولا تعصي الله ما دمت قربه، يعظك بلسان فعله، ولا يعظك بلسان قوله.

ومن هذ الباب ما حدثنا المروزي، عن الخشّاب، نبأ عبد الله ابن الأستاذ قال:

دخل رجل من أصحابنا على أبي العباس الخشاب الزاهد، فسلم عليه وقال له: يا أبا العباس، أريد أن أقرأ عليك مما في هذا الكتاب، لكتاب كان بيده، ففتح، فقرأ عليه من باب الورع والزهد والتوكل، والخشاب ساكت. فقال الرجل: يا أبا العباس، إنما قرأ عليك هذه الأبواب لتتكلم عليها. فقال له الخشاب: اقرأني فإني أنا ذلك الكتاب. فخرج الرجل من عنده، ودخل إلى الشيخ أبي مدين، وهو إذ ذاك بمدينة فاس، فقال: يا أب مدين، اتفق لي مع الخشاب كيت وكيت، فقال أبو مدين: صدق الخشاب، هل قرأت عليه باب ليس هو حاله؟ فإذا كان حاله لا تفهمه ولا يؤثر فيك، فكيف قوله؟ فاتعظ الرجل.

أخبرني عبد الله ابن الأستاذ المروزي، عن كشف أبي العباس الخشاب، قال: خطر لأبي مدين طلاق زوجته، واستخار الله، ثم رأى أن يستأذن في ذلك أبا العباس الخشاب، فإنه كانت له حالة تعليم من الله، فوافق هذا الخاطر دخول الخشاب على أبي مدين، فقبل

أن يكلمه أبو مدين، قال له الخشاب: يا أبا مدين، يقال لك: امسك عليك زوجك، فمسكها. ولهذا الخشاب عجائب. زرت قبره مع ابن يخلف بمدينة فاس، فأتى خبر أنه يوم مات ما بقي وليّ لله له خطوة إلا حضره.

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!