الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن باب حب الوطن

ما قالت العجم اللسن:

من علامة الرشد أن تكون النفس إلى مولدها مشتاقة، وإلى مسقط رأسها توّاقة.

وقال الحكيم: فطرة الرجل معجونة بحب الوطن، ولذلك قال أبقراط: يداوى كل عليل بعقاقير أرضه، فإن الطبيعة تقطع بهواها، وتفزع إلى غذاها. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لو قنع الناس بأرزاقهم قنوعهم بأوطانهم لما اشتكى عبد الرزّاق. والذي يؤيد ما ذكرناه من حب الوطن قول الله عز وجل حين ذكر الديار، فخبر عن مواقعها من قلوب عباده.

فقال تعالى: ولَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اُقْتُلُو أَنْفُسَكُمْ أَوِ اُخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِل قَلِيلٌ مِنْهُمْ ، فسوّى بين قتل أنفسهم وبين الخروج من ديارهم.

وقال تعالى: وما لَنا أَل نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اَلله وقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَ أَبْنائِنا .

وقيل: لو لا حبّ الناس الأوطان لخرب البلدان.

وقيل: من أمارات العاقل برّه لإخوانه، وحنينه إلى أوطانه، ومداراته لأهل زمانه.

كما قيل: (و دارهم فاللّبيب من دارى) .

قالت العرب: حماك أحمى لك، وأهلك أحفى لك.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!