الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


تأديب عمر بن عبد العزيز مسلمة بن عبد الملك

و بالإسناد قال مقاتل: ثم إن عمر بلغه أن مسلمة ينفق على مائدته ألف درهم في كل يوم. و كان عمر يطعم السّؤال من غلته ألف سائل في كل يوم، يطعمهم ثلاثة ألوان وشواء.

وكان يأكل هو يوما لحما، ويوما خلا وزيتا، ويوما عدسا. وكان قد سيّر الدنيا ثلاثة أيام:

يوم للقضاء، ويوما لأهله، ويوما لحوائج الناس، والليل للعبادة. فكان إذا جنّه الليل لبس جبّة صوف، وجعل الغلّ في عنقه والقيد في رجله، ونادى: يا رب، هذا عذاب الدنيا، فكيف عذاب الآخرة؟ ثم بعث إلى مسلمة يأمره أن يتغذى عنده، فأتاه، فأمر عمر بجفان السّؤال أن تهيّأ، وهيأ له طعاما، وأمر أن يحبس الطعام وأن يقدّم العدس.

فلم أبطأ عليهم الطعام، وجاع مسلمة جوعا شديدا، قال عمر: ويحك يا مقاتل، إن أبا سعيد لا يصبر على الجوع، فائتنا بما عندك. فأتاه بعدس، فأكل أكلا منكرا حتى شبع، ثم أتي بالطعام. فقال عمر: كل يا أبا سعيد. فقال: قد اكتفيت. قال عمر: يا أبا سعيد، تكفيك أكلة بدانقين، وأنت تنفق على مائدتك ألف درهم كل يوم؟ فقال مسلمة: أعطني عهد الله أن لا أعود إلى مثل ذلك، فرجع عنه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!