الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


إسلام خزيم بن فاتك

روينا من حديث ابن إسحاق، وحديث أبي عبد الله الحاكم، أما الحاكم فقال:

حدثن أبو القاسم الحسن بن محمد السكوني، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا محمد بن شيم الحضرمي، ثنا محمد بن خليفة الأسدي، ثنا الحسين بن محمد بن علي، عن أبيه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم لابن عباس: حدثني بحديث يعجبني. فقال: حدثني خزيم بن فاتك. وقال ابن إسحاق: حدثني سعيد المقبريّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال خزيم بن فاتك لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، ألا أخبرك كيف كان بدء إسلامي؟ قال: بلى. قال: بينما أنا في طلب إبل لي، قال ابن عباس: قال: إذ وجدتها فعقلتها، وتوسدت ذراع بعير منها. قال ابن إسحاق:

وناديت بأعلى صوتي: أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه. قال الحاكم: وكذلك كانو يصنعون في الجاهلية؟ قال: وإذا هاتف يهتف بي فقال:

ويحك عذ بالله ذي الجلال والمجد والأنعام والأفضال

منزّل الحرام والحلال ووحّد الله ولا تبالي

ما هول ذي الجن من الأهوال إذ تذكر الله على الأميال

وفي سهول الأرض والجبال وصار كيد الجن في سفال

إلا التقي وصالح الأعمال

قال ابن إسحاق: فذعرت ذعرا شديدا. فلما رجعت لي نفسي قلت:

يا أيه الهاتف ما تقول أرشد عندك أم تضليل

بيّن لنا هديت ما الحويل

قال الحاكم: قال: فقال:

هذا رسول الله ذو الخيرات بيثرب يدعو إلى النجاة

جاء بياسين وحاميمات في سور بعد مفصلات

محرمات ومحللات يأمر بالصوم وبالصلاة

ويزجر الناس عن الهنات

قال: فقلت: من أنت يرحمك الله؟ فقال: مالك بن مالك، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على أرض نجد. قال: فقلت: لو كان ما يكفيني إبلي هذه لأتيته حتى أؤمن به. فقال: أنا أكفيكها حتى أؤديها إلى أهلك سالمة إن شاء الله تعالى.

قال: فركبت بعيرا. قال ابن إسحاق: قال: فاتبعني وهو يقول:

صاحبك الله وسلم نفسك وبلغ الأهل وردّ رحلك

آمن به أفلح ربي حقك وانصره عزّ الإله نصرك

قال الحاكم: ثم أتيت المدينة، فوافيت الناس يوم الجمعة، وهم في الصلاة.

فقلت: يقضون صلاتهم ثم أدخل، فإني ذلك إذ خرج إليّ أبو ذرّ فقال: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدخل، فدخلت، فلما رآني قال: «ما فعل الشيخ الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك إلى أهلك سالمة؟ أما إنه قد أدّاها إلى أهلك سالمة؟» . قلت: رحمه الله. فقال صلى الله عليه وسلم: «أجل رحمه الله» . فقال خزيم: أشهد أن لا إله إلا الله، و حسن إسلامه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!