الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


نفس أبيّة

روينا من حديث أحمد بن موسى البصري، عن أبي زيد، عن الأصمعي، عن أبي سفيان بن العلاء قال: إني لأرفع نفسي أن يكون ذنب أوزن من حلمي، وإذا قال: هذا خلق حقير، فعفو الله أسمح وحلمه أرجح.

ومن هذ الباب ما رويناه من حديث محمد بن عبد العزيز، عن ابن عائشة قال: ذكر أعرابي رجلا، فقال: كان أحلم من فرخ طائر. شعر:

إني لأعرض عن أشياء أسمعها حتى يظن رجال أن بي حمقا

أخشى جواب سفيه لا حياء له فسل يظنّ أناس أنه صدق

ومن هذا الباب ما رويناه من حديث ابن مروان قال: نبأ أحمد بن داود، عن الرياشي، عن الأصمعي قال: بلغني أن رجلا قال لآخر: والله إن قلت لي واحدة لتسمعن عشرا. قال: لكنك لو قلت عشرا لم تسمع واحدة.

وأنشدني لبعض الشعراء أبو بكر بن خلف:

إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت

سكتّ عن السفيه فظنّ أني عييت عن الجواب وما عييت

ولكني اكتسيت بثوب حلم وجنّبت السفاهة ما بقيت

ومن هذا الباب ما رويناه من حديث أحمد بن داود قال: نبّأ الرياشي قال: أنب الأصمعي قال: كان الأحنف بن قيس يقول: من لم يصبر على كلمة سمع كلمات، وربّ غيظ قد تجرّعته مخافة ما هو أشدّ منه.

و أنشد لبعض الشعراء:

وإن الله ذو حلم ولكن بقدر الحلم ينتقم الحليم

لقد ولّت بدولتك الليالي وأنت ملعن فيها ذميم

وزالت لم يعش فيها كريم ولا استغنى بثروتها عديم

فبعدا لا انقضاء له وسحقا فغير حسابك الجدث العظيم

وروينا من حديث جعفر بن شاكر، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الأوزاعي، أن عمر بن عبد العزيز كان إذا أراد أن يعاقب رجلا حبسه ثلاثة أيام ثم عاقبه، كراهة أن يعجل في أول غضبه. أرى ذلك، والله أعلم في إقامة الحدود التي ليس له أن يعفو عنها، والتعزيز الذي فيه المصلحة للناس. وأما فيما كان يرجع إليه، فالعفو كان شيمته.

وأسمعه رجلا كلاما فقال: أردت أن يستفزني الشيطان فأتاك منك بما تناله أنت مني في يوم القيامة. انصرف عني عافاك الله.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!