كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
مكتوب في الحكمة
عند التراخي عن شكر المنعم يحلّ عظيم النقم.
وقيل لذي الرمة: لم خصصت بلال بن أبي بردة بمدحك؟ قال: لأنه وطّأ مضجعي، وأكرم مجلسي، و أحسن صلتي، فحق لكثير معروفه عندي أن يستولي على شكري.
وروين من حديث عائشة أم المؤمنين قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا م يقول: «يا عائشة، ما فعل نبيّك؟» ، فأنشده:
نجزيك أو نثني عليك وإن من أثنى عليك لما فعلت كمن جزا
فيقول صلى الله عليه وسلم: «صدق القائل يا عائشة، إن الله إذا أجرى على يد رجل خيرا فلم يشكر فليس لله بشاكر» .
قال الهيثم بن حسن بن عمارة: كان سراقة البارقي من أظرف الناس، وكان من أهل الكوفة، فأسره رجل من أصحاب المختار، وكان يومي إلى أنه نبيّ، وعرف ذلك منه، فأتى بسراقة إليه، فقال له المختار: أسرك هذا؟ فقال سراقة: كذب والله، ما أسرني إلا رجل عليه ثياب بيض على فرس أبلق، فقال المختار: أما إن الرجل قد عاين الملك، خلّوا سبيله. فلم أفلت أنشأ يقول:
أل بلّغ أبا إسحاق أني رأيت البلق دهما مضمناتأري عينيّ ما لم تورياه كلانا عالم بالترهات
كفرت بوحيكم وجعلت نذرا عليّ قتالكم حتى الممات
قيل: وما عبّر عن شيء فهو أفضل منه. انتهى.