الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حكاية عن ملك زهد في الدني

روينا من حديث أحمد بن محمد بن حنبل، عن يزيد بن هارون، ثنا المسعودي، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: بينا رجل ممن كان قبلكم في مملكته، فتفكّر، فعلم أن ذلك منقطع عنه، وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه، فانساب ذات ليلة من قصره، فأصبح في مملكة غيره، فأتى ساحل البحر، فكان يضرب اللبن بالأجرة، فيأكل ويتصدّق بالفضل، فلم يزل كذلك حتى وصل أمره إلى ملكهم، فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه، فأبى، فأعاد إليه الرسول، فأبى وقال: ما لك وما لي؟ فركب الملك إليه، فلما رآه الرجل ولّى هاربا، فلما رأى ذلك الملك ركض في أثره فلم يدركه، فناداه: يا عبد الله، إنه ليس عليك مني بأس، فأقام حتى أدركه، فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا فلان ابن فلان صاحب ملك كذا وكذا، تفكّرت في أمري، فعلمت أن ما أنا فيه منقطع عني، وأنه قد شغلني عن عبادة ربي، فتركته وجئت هاهن أعبد ربي عز وجل.

فقال: م أنت بأحوج مما سمعت مني؟ قال: ثم نزل عن دابته فسيّبها، ثم تبعه، فكانت جميع يعبدان الله عز وجل، فدعوا الله عز وجل أن يميتهما جميعا، فماتا.

قال عبد الله: فلو كنت برميلة مصر لأريتكم قبريهما بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!