الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


خبر الحيّة الشهيدة العابدة

روينا من حديث أحمد بن عبد الله، عن سليمان بن أحمد، ثنا مطّلب بن شعيب، عن عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون، عن معاذ بن عبد الله بن معمر، قال: كنت جالسا عند عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجاء رجل فقال: يا أمير

المؤمنين، بينا أنا بفلاة كذا وكذا، إذا إعصاران قد أقبلت إحداهما من مكان والأخرى من مكان آخر، فالتقتا واعتركتا ثم افترقتا، و إحداهما أقل منها حين جاءت، فذهبت حتى جئت معتركيهما، فإذا من الحيات شيء ما رأيت مثله قطّ غيره، فإذا ريح مسك من بعضها، فجعلت أقلب الحيات أنظر من أيّها هذه الرائحة، فإذا ذلك من حية صفراء دقيقة. قال أبو محمد بن حيان في حديثه: تتثنى ببطن أبيض ينفح منها ريح المسك. فقلت لأصحابي: امضوا فلست ببارح حتى أنظر إلى ما يصير أمر هذه الحية. قال: فلما لبثت أن ماتت، فعمدت إلى خرقة بيضاء فلففتها فيها. وفي حديث ابن معمر: في عمامتي. قال ابن حيان: ثم نحيتها عن الطريق فدفنتها، وأدركت أصحابي في المتعشى. قال: فو الله إنّا لقعود إذ أقبل أربع نسوة من قبل المغرب، فقالت واحدة منهن: أيكم دفن عمرا؟ قلنا: ومن عمرو؟ قالت: أيكم دفن الحية؟ قال: قلت: أنا. فقالت: أما والله لقد دفنت صوّاما قوّاما يأمر بما أنزل الله عز و جل، ولقد آمن بنبيكم صلى الله عليه وسلم، وسمع صفته في السماء قبل أن يبعث بأربعمائة سنة.

وفي حديث ابن معمر بعد أن ذكر دفنها: فبينا أنا أمشي إذ ناداني مناد ولا أراه، فقال: يا عبد الله، ما هذا الذي صنعت؟ فأخبرته بالذي رأيت، فقال: إنك قد هديت، هذان حيّان من الجن: بني شيبان وبني أقبش، التقوا فكان من القتلى ما رأيت، فاستشهد الذي أخذته، فكان من الذين استمعوا الوحي من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي حديث ابن حيان، قال الرجل: فلما قضينا حجّنا مررت بعمر بن الخطاب رضي الله عنه بالمدينة، فأنبأته بأمر الحية، فقال: صدقت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

«لقد آمن بي قبل أن أبعث بأربعمائة سنة» .


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!