الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


رؤيا سهل بن عبد الله التستري

حدثن محمد بن قاسم بن عبد الرحمن بمدينة فاس، قال: رويت فيما رويت أن

سهل بن عبد الله قال: نمت ليلة النصف من شعبان عند ما غلب عليّ السهر، فرأيت جبريل عليه السلام والناس يعرضون عليه، فقدم إليه رجل، فقال للملائكة الموكلين: كيف وجدتم هذا العبد؟ قالوا: عبد سوء أنعم عليه فما شكر، وابتلي فما صبر، وعوهد فخان و غدر، وأمر فما أطاع ولا امتثل، وسوّف نفسه بعسى ولعلّ، يتبرم لقضاء المولى، و يتحكم فيما يهوى، ويقول: هذا أحق وهذا أولى. قل محمد بن قاسم: لما انتهى عمر بن عبد المجيد حين حدّثني بهذا الحديث إلى قوله: وهذا أولى، بكى وقال: فهذه صفتي التي عرفتها، وحالتي التي ألفتها ثم أنشد فلا أدري أمن قبله أم متمثلا:

ساعدوني في بكائي واسمعوا وصفي لحالي

كل ذنب هو عندي وهو ذخري وهو مالي

وأنا عن قبح هذا في غرور واشتغال

هل لمثلي من عزاء ضاق بي وجه احتيالي

ثم رجع إلى الحديث قال: قال سهل: فأمر جبريل عليه السلام ملكا، فأخذ بيديه، ونادى بين الملائكة الموكلين به عليه: هذا عبد خلع ربقة العبودية من أعماله، فخلّوا بينه و بين أشكاله. قال سهل: ثم قدم إليه رجل آخر، فقال للملائكة الموكلين به: كيف وجدتم هذا العبد؟ قالوا: هذا عبد صالح شكر الله على النّعما، وصبر على البلوى، و امتثل أمر المولى، وجانب الخيانة والجفا، واتّبع سنّة المصطفى، ثم أمر ملك فأخذ بيديه، ونادى بين الملائكة عليه: هذا عبد لزم آداب العبودية فاعرفوه، فإن نزل به أمر فلا تخذلوه.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!