الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ومن حسن التلطف في المكاتبة

ما ذكره إسماعيل بن أبي شاكر قال: لما أصاب أهل مكة السيل الذي شارق الحجر، ومات تحته خلق كثير، كتب عبد الله بن الحسن العلوي، وهو والي الحرمين، إلى المأمون: يا أمير المؤمنين، إن أهل حرم الله، وجيران بيته، وآلاف مسجده، وعمرة بلاده، قد استجاروا بعزّ معروفك من سيل تراكمت جريانه في هدم البنيان، وقتل الرجال و النسوان، واجتاح الأصول، وجرف الأثقال حتى ما ترك طارفا ولا تالدا للراجع إليه في مطعم ولا ملبس، فقد شغلهم طلب الغذاء عن الاستراحة إلى البكاء على الأمهات و الأولاد، والآباء والأجداد، فأجرهم أمير المؤمنين بعطفك عليهم، وإحسانك إليهم، تجد الله مكافئك عنهم، ومثيبك عن الشكر منهم.

قال: فوجّه المأمون إليهم بالأموال الكثيرة، وكتب إلى عبد الله: أما بعد، فقد وصلت شكيتك لأهل حرم الله إلى أمير المؤمنين، فبكاهم بقلب رحمته وأنجدهم بسيب نعمته، و هو متّبع لما أسلف إليهم، بما يخلفه عليهم، عاجلا وآجلا، أن أذن الله في تثبيت نيته على عزمه.

قال: فكان كتابه هذا أسرّ لأهل مكة من الأموال التي أنفذها إليهم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!