الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وممن قتله القرآن

ما حدثن به عبد الرحمن بن علي كتابة، عن عمر بن ظفر، عن جعفر بن أحمد، عن عبد العزيز بن علي، عن علي بن عبد الله، عن محمد بن داود، عن أبي زكريا الشيرازي، قال: تهت في بادية العراق أياما كثيرة لم أجد شيئا أرتفق به، فلما كان بعد أيام رأيت في الفلاة خباء شعر مضروبا، فقصدته، فإذا ببيت وعليه شيء مسبل، فسلّمت، فردّت عليّ عجوز من داخل الخباء، فقالت: يا إنسان، من أين أقبلت؟ قلت: من مكة، قالت: وأين تريد؟ قلت: الشام، قالت: أرى شبحك شبح إنسان بطّال، ألا لزمت زاوية تجلس فيها إلى

أن يأتيك اليقين؟ ثم تنظر هذه الكسرة من أين تأكلها؟ ثم قالت: تقر القرآن؟ قلت: نعم، قالت: اقرأ عليّ آخر سورة الفرقان، فقرأتها، فشهقت وأغمي عليها، فلما أفاقت قرأت هي الآيات، فأخذت مني قراءتها أخذا شديدا. ثم قالت: ي إنسان، اقرأها عليّ ثانيا، فقرأتها، فلحقها مثل ذلك، غير أنها لم تفق، فقلت: كيف أستكشف حالها؟ ماتت أم لا؟ فتركت البيت على حاله ومشيت أقل من نصف ميل، فأشرفت على واد فيه أعراب، فأقبل إليّ غلامان معهما جارية، فقال أحد الغلامين: يا إنسان، أتيت البيت في الفلاة؟ قلت:

نعم، قال: وتقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: قتل العجوز وربّ الكعبة، فرجعت معهم حتى أتينا البيت، فدخلت الجارية، فكشفت عنها الحجاب فإذا هي ميتة، فأعجبني خاطر الغلام، فقلت للجارية: من هذان الغلامان؟ فقالت: هذه أختهما، منذ ثلاثين سنة م تأنس بكلام الناس، تأكل في كل ثلاثة أيام أكلة وشربة.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!