الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


حديث أمية بن يزيد الأموي

قال: كن عند عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية، فجاء رجل من أهل بيته، فسأله:

المعونة على التزوج. فقال له قولا ضعيفا، ووعده وعدا فيه قلة إطماع، فلما قام من عنده و مضى دعا صاحب خزانته، فقال: أعطه أربعمائة دينار، فاستكثرناها، فقلنا له: لما كلمك رددت عليه ردا ظننا أنك تعطيه قليلا، فإذا أنت أعطيته أكثر مما أمل. قال: إني أحب أن يكون فعلي أحسن من قولي.

قلت: و نزل على جدي حاتم الطائي ضيف، ولم يحضره القري، فنحر ناقة الضيف وعشّاه وغدّاه، و قال له: يا ضيف، إنك قد أقرضتني ناقتك فاحتكم. قال:

راحلتين. قال حاتم: لك عشرون، أرضيت؟ قال: نعم، وفوق الرضا. قال: فلك أربعون. ثم قال لمن حضره من قومه: من أتانا بناقة فله ناقتان بعد الغارة، فأتوه بأربعين، فدفعها إلى الضيف.

وحكي لي عن حاتم أيضا: أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة، فلما كان بأرض غزّة ناداه أسير: يا أبا سفانة، قد أكلني الأسر والقمل، قال: والله ما أنا ببلادي ولا معي شيء، و قد أسأت إليّ إذ نوّهت باسمي. فذهب العرس، فساومهم، وقال: خلوا عنه وأنا أقيم مكانه في قيده حتى أؤدي فداءه، فأتاهم بفدائه.

حدثن أبو ذرّ، وقد وقع ذكر حاتم طي، فقال لي: ذكر من أخبار جدك أنه لما مات، يعني حاتما، خرج رجل من بني أسد يعرف بأبي البحتري في نفر من قومه، وذلك قبل أن يعلم كثير من العرب بموته، فأناخوا بقبره، فقال: والله لأحلف للعرب أني نزلت بحاتم و سألته القرى، فلم يفعل. وجعل يضرب برجله قبره، ويقول:

اجعل أب سفانة قراكا فسوف آتي سائلي ثناكا

فقال بعضهم: ما لك تنادي رمة؟ وباتوا مكانهم. فقام صاحب القول من نومه مذعورا، و قال: يا قوم، عليكم مطاياكم لقرى حاتم. فقالوا: كيف؟ قال: إنه أتاني في منامي هذ فأنشدني:

أب البحتري وأنت امرئ ظلوم العشيرة شتّامها

ما ذا أردت إلى رمة بدمنة قد صبحت هامه

تبغي أذاها واعسارها وحولك غوث وأبغامها

وإنّا لننعم أضيافنا من الكوم بالسيف نعتامه


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!