الفتوحات المكية

كتاب محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


خبر الطائر المغيث

حدثن عبد الكريم بن حاتم بن وحشي بمكة سنة ستمائة، قال: خرج من عندنا رجل من المجاورين يريد مصر، فركب بحر عيداب، فطاب الريح بالليل، فقام كل من في المركب إلا الذي يدير، فأراد الرجل الحاجة، فقعد في مقدم المركب يقضي حاجته، فزلق قدمه، فأخذه البحر وغطته الأمواج، والرئيس ينظر إليه، والمركب قد سار عنه بمسافة

غيّبته عن أعين الناس، والرئيس لا يتكلم مخافة أن يشوّش على الناس، ولا ينفعه ذلك، فلم ينشب أن رأى طائرا قد قبض عليه، فأخرجه من الماء، وطار به حتى ألقاه في المركب، و قعد الطائر على جامور الصاري ساعة، ثم إن الطائر مدّ منقاره من موضعه حتى ألصقه بأذن الرجل ثم قبضه وطار. فلما كان من الغد حسن الرئيس ظنه بذلك الرجل، وبادر إلى إكرامه، ففطن له الرجل فقال له: يا أخي، لست والله ممن تظن، وإنما كان مم رأيت من أمر الله علمي وعلمك فيه سواء، ما شعرت بنفسي إلا وقد أخذتني الأمواج، و أيقنت بالتلف، فسلّمت الأمر لله، وقلت: ذلك تقدير العزيز العليم. فإذا بذلك الطائر قد فعل ما رأيت. فقال له الرئيس: فرأيته مدّ منقاره إليك، فهل كلّمك؟ قال الرجل: نعم، وذلك أني فكرت في نفسي ما هو هذا الطائر؟ فألصق منقاره بأذني وقال لي: يا هذا، أنا تقدير العزيز العليم.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب الفتوحات المكية



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!